رئيس دينية الشيوخ يوضح 5 مبادئ أساسية حول مفهوم "الكد والسعاية"
أكد الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، أن الحديث عن حق الكد والسعاية، يعد إبراز لمهمة جليلة هي من جهة القيام بواجب الوقت من حيث المشاركة الفعالة النافعة بتقديم الحلول والآراء المدروسة المناسبة، ومن جهة أخرى إحياء الصلة الصحيحة بالتراث الضخم الفخم الذي تركه لنا أسلافنا، والذي يحتاج منا إلى فهم دقيق واستيعاب كامل، واستثمار، واستكمال.
وأضاف “عامر" على هامش الندوة الحوارية لمجلة الأزهر الشريف تحت عنوان: «حق الكَدِّ والسِّعاية.. رؤية فقهية اجتماعية معاصرة» والتي أقيمت اليوم بمركز الأزهر للمؤتمرات أن هذا أمر لا يتهيأ لكل أحد، وإذا لم يقم به من هو أهل له استباح حماه من ليس من أهله فضل وأضل.
وأوضح أنه فيما يتعلق موضوع «الكد والسعاية» عرفا وفقها وقانونا فهذا أمر تحدث فيه علماؤنا الأجلاء بما لا مزيد عليه، ولكن ههنا أمر يتصل بالموضوع وإن لم يكن من صميمه، ألا وهو أهمية إحياء مثل هذه المسائل الفقهية:
فهي أولا: إحياء لتراث عظيم فهمه جزء من قضية الوعي الكبرى.
وثانيا: هذا يبين مرونة الفقه الإسلامي وطواعيته، واستنارة الفقهاء ومراعاتهم لواقعهم، وقد ورد فيما رواه ابن حبان وغيره أنه «على العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه»، وهذا بلغة عصرنا هو الدراية البصيرة بالواقع، والقيام بواجب الوقت.
وثالثا: ينبغي لمثل هذه الموضوعات أن تنشط من خلال وسائل عدة، منها الرسائل العلمية، فالرسائل العلمية كما أن لها دورا علميا جليلا لا بد أن يكون لها دور على أرض الواقع، ومنح العالمية (الدكتوراه) ليس معناه تخريج باحث تقتصر منفعة علمه على قاعات البحث العلمي، بل بتوجيهه إلى مثل هذه الموضوعات الماسة بالواقع نقدم للمجتمع مشاركا نافعا في بناء نهضته، وصناعة حضارته.
وقد رأينا أن الفقهاء لما فهموا ما ورد عن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قضائه للمرأة التي كانت تعمل مع زوجها بنصف التركة قبل قسمتها باعتبار كدها وسعيها في تكوينها، ثم تأخذ ميراثها فيما بقي، لم يقف الفقهاء عند حرفية قضاء سيدنا عمر، فلا يشترط أن تأخذ المرأة النصف، بل تأخذ بقدر مساهمتها في المال، وليس الحكم قاصرا على المرأة بل هو لكل فرد من أفراد الأسرة ساهم في إثمار مال الأسرة المشاع، يقسم بينهم حال افتراقهم كل بحسب كده وسعيه
إن ما فعله أمير المؤمنين رضي الله عنه نتاج لفهم صحيح عميق للإسلام، فالإسلام حفظ الحقوق، وحرم أكلها بالباطل وإهدارها، فلا بد أن يحفظ عليها حقها إذا عملت وساهمت، وما استنبطه الفقهاء هو فهم عميق مبني على ما أسسه الفاروق رضي الله عنه.
ورابعا: ينبغي نشر مثل هذا العلم بدرجة مناسبة لجمهور المثقفين وخصوصا من طبقة الشباب، وهذا سيكون له أكبر الأثر في التفتح الفكري بما يدحض التطرف المبني في أساسه على الانغلاق الفكري والفهم السطحي والنظر الضيق.
ويتم هذا النشر بعقد الندوات في الجامعات وغيرها وعن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وكذا عن طريق الفنون المختلفة.
وخامسا: في نشر مثل هذا بلغة مناسبة لجمهور المثقفين ما يدحض كثيرا من الشبهات ضد الإسلام، وإظهار للوجه المشرق للتفكير الفقهي المظلوم بالمهاجمة حينا، وبالفهم الخاطئ حينا آخر.