شرف الثانوية العامة !
بعد ثورة أبناء الجيش العظيم في ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وإعتماد مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء شعبنا كمعيار أساسي للصعود الاجتماعي مع قيمتي الكفاءة والسمعة.. حتى إن الحصول على ثلاجة إيديال من إنتاج المصانع المصرية يتم بأسبقية الحجز وكذلك الحصول على هاتفا أرضيا منزليا يتم بالأسبقية ذاتها لا تفضيل ولا تمييز..نقول: على هذا المسار وضعت الثانوية العامة - خصوصا بعد انتشار التعليم ووصوله للقرى والنجوع - كعقبة أساسية ينبغي اجتيازها لتحديد اتجاه كل طالب وطالبة وفق نظام صارم للامتحانات وللتنسيق معا.. يتشابه ويتقارب فيه الجميع قبل هجمة التعليم الخاص والأجنبي في الثمانينيات!
كانت امتحانات الثانوية العامة معيارا أساسيا للعدل المطلق.. لا يأتيها الشك من أمامها ولا من خلفها.. حكمها -نتيجتها- نهائيا لا يقبل الشك ولا الطعن. يقبل المراجعة فقط باعتبار مشرفيها بشر يخطئون كما يصيبون.. فكانت طلبات مراجعة النتائج كنقض أحكام القضاء.. أملا أخيرا من هنا وحكما باتا من هناك.. تغلق بنتيجتها أبواب الشيطان التي تتسلل فتوسوس بالفتن.. وبعدها يقبل الطلبة وأولياء الأمور بقدر الله.. ليقرروا بعدها أمرا كان مفعولا!
نعم كان مقابل ذلك أن اعتبرت الثانوية العامة حملا ثقيلا وعبوره مثل اجتياز الموانع الصعبة.. و عبئا نفسيا سنويا بموسم لكل عام.. لكن كانت القيمة الأهم على الإطلاق هي العدل.. يقف الجميع أمامه لا يملكون إلا السلام والتسليم.. ناجحون وراسبون ومصدومون في حاصل تحصيلهم على السواء!
اليوم ثمة طعنا أصاب هذه القيمة الكبيرة في حياة المصريين.. يتداولونه علنا وسرا.. بأن تمييزا يتم في لجان بعينها.. ولأصحاب صلات محددة.. الوزارة مشكورة لم تنكر ما بلغها..كلام عن تحقيقات ستتم واقاويل عن قرارات تمنع النقل بين لجان في محافظات بعينها..لعل رائحتها تجاوزت حدود تلك المحافظات.. والخلاصة: التحقيق الشامل الشفاف هو الحل.. تحقيقا جديا يستهدف الحقيقة..يضع العدل أمامه ورقابة الله فوقه.. ولا شي قبل أو بعد ذلك !
والأمانة تقتضي القول: إن حصر التجاوز في عائلة بعينها -لها كل التقدير والاحترام- ليس صحيحا.. بل ربما يستهدف تشويشا خبيثا ومتعمدا علي نقاط أخري.. وحصره في مدينة بعينها ليس صحيحا أيضا.. كما أن حصره في عصر ولاية الدكتور طارق شوقي ليس صحيحا كذلك.. القضية أكبر من كل ذلك.. وأقدم منه كله..لكن عند التأسيس لجمهورية جديدة لا يقبل ( بضم الياء ) ولا نقبل ولن يقبل أحد بغير عدل مطلق وانضباط لا حدود له !
وأخيرا:
ليس من العدل -ولا من اللياقة أصلا- توجيه العدالة.. فالمطلوب تحقيقا وليس إدانة.. ويبقى الجميع - هنا وهناك - بريئا حتى يثبت العكس.. وتبقي الأقاويل إشاعات حتى تأكيدها!