ثريا حلمي.. ملكة المونولوج التي تبنتها راقصة.. واعتزلت الغناء بسبب حال المسارح في مصر
لقبت ملكة المونولوج في مصر والوطن العربى، فهى أول امرأة تقتحم هذا المجال بعد أن كان مقصورا على الرجال، وأصغر فتاة قدمت المونولوج، ولدت ثريا حلمى لعائلة فنية عام 1923 في مدينة مغاغة محافظة المنيا، ورحلت في مثل هذا اليوم 9 أغسطس عام 1994، بدأت غناء المونولوج وهي في الثامنة من عمرها، وحازت إعجاب الجميع فأطلقوا عليها لقب “ الطفلة المعجزة”.
كان والدها وكيل فنانين، في المدن والقرى المصرية، ويسافر إلى الخارج للدعاية والترويج للفنانين، الأمر الذي جعلها تقضي مرحلة من طفولتها في دمشق، واتسمت طفولتها بالغناء والسفر والموسيقى، خاصة بعد أن اتجهت شقيقتها ليلى حلمي للغناء بمسارح عماد الدين مما جعلها تحفظ أغلب المونولوجات التي كانت تغنى في تلك الفترة،
ثنائي فني
قدمتها أختها ليلى حلمي للراقصة ببا عز الدين كمؤدية للمونولوج، ووافقت ببا على وضع ثريا في فترة اختبار مدتها شهر كامل، وقدمت ثريا أول عرض لها على مسرح عماد الدين مونولوج "سيكا ميكا"، ومونولوج "شاور عقلك على مهلك"، بعدها كونت ثنائيا مع الفنان إسماعيل يس في صالة ببا عز الدين ومنها الى السينما أيضا ليقدما معا 9 أفلام منها: إسماعيل يس في بيت الاشباح، بشرة خير، حلال عليك، كلمة الحق، حلاق بغداد، إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة.
عن مشوارها الفني تحكي الفنانة ثريا حلمي وتقول: بدأت حياتي الفنية وأنا طفلة وفي أحد الأيام تعاقدت شقيقتي الكبرى ليلى حلمي على تقديم حفلات بسوريا فاستبدلوها بي في فترة غيابها، أيضا كنت اذهب يوميا لمسرح ببا عز الدين مع شقيقتي ووالدي وكان متعهد حفلات فنية، وكان على علاقة طيبة بكافة الممثلين والمخرجين، وكان أول مونولوج لي (حب وطب وطب وحب ) وتوالت بعد ذلك المونولوجات ومنها مونولوج كتبه المخرج حسن الإمام تلحين عزت الجاهلي يقول ( خشبة حبشي، حبشي مين ؟صاحب الخشبة)، ثم عملت مونولوجست في فرقة على الكسار، وفي الخمسينات أصبحت ثريا حلمي أشهر مونولوجست.
عيب اعمل معروف
وعلى مدى اكثر من 40 عاما قدمت ثريا حلمى أكثر من70 فيلما و٣٠٠ مونولوج، كان للموسيقار علي إسماعيل النصيب الأكبر في تلحينها وتوزيعها، حيث وجد علي إسماعيل في صوت ثريا ما كان يبحث عنه، فقدم صوت ثريا بكل ما فيه من قوة وبهجة وخفة وتلقائية، ومن أهم ثمرات هذا التعاون، مونولوج عيب إعمل معروف، والذي كان من كلمات إبراهيم عاكف ونال شهرة كبيرة.
مشكلات انسانية
تميزت مونولوجات ثريا حلمى بأن أغلبها يتناول مشكلات إنسانية واجتماعية بحتة، من الدرجة الأولى، ولم تكن مشكلات عنصرية أو دينية أو طبقية، مما ميزها بقدرتها على الاستمرار،حيث انتقدت في إحدى المونولوجات انتشار ظاهرة التحرش بالخمسينيات وهي المشكلة الموجودة حتى الآن مما يجعلها صالحة للاستمرار، منها أيضا " شاور عقلك على مهلك..لا فكرك فكري، ولا فكري فكرك "، ثم قدمت مونولوج "زنوبة والعبيط “ ومن خلاله التحقت بفرقة فوزي الجزايرلي فغنت معه (القرعة تتباهى بشعر بنت اختها) وغنت: ياما ناس عارفاها مافيش شعور عندها، ثم قدمت الزغطة، براغيت القنطرة، ياهدوم الحبايب، كنت فين ياعلي، عيب اعمل معروف عيب مانتاش مكسوف، عجوز وماشى بيتلخلخ وبدلته بمبة مسخسخ وقال يطرقع بلبانة، آه يازين العاشقين مع شكوكو).
كان لثريا نصيب من المونولوجات الوطنية، مثل مونولوج عن الوحدة الوطنية مع سوريا "دة دا دة دا"، وأغنية ثلاث ثورات حول الوحدة بين مصر وسوريا وليبيا، ومع ثورة ١٩٥2 وظهور حملات التطهير التي قامت بها الثورة، غنت ثريا مونولوج "قف من أنت" من كلمات أبو السعود الإبياري وألحان محمود الشريف، لتشجع على هذه الحملة، كما غنت ثريا عدة مونولوجات مرتبطة بشخصيات، وأحداث عالمية كمونولوج يحمل اسم بروتس، حين قالت "حتى أنت يا بروتس".
أكدت ثريا حلمى في حواراتها ان فن المونولوج قتل في مصر وذلك بسبب اختفاء أماكن عرضه وتقديمه فقديما كانت توجد المسارح التي أصبحت الان ملاهى ليلية التي يذهب اليها البعض من اجل العشاء واحتساء المسكرات والحديث مع الرفقاء فيما يفيد ومالا يفيد ولا يسمع كلمة واحدة من المونولوج مع عدم وجود المونولوجست خفيف الدم بالمفهوم الصحيح واصبح هناك خلط بين الغناء والقاء المونولوجات.
اعتزال قبل الرحيل
وقد اعتزلت ثريا حلمى غناء المونولوج بعد ان استطاعت خلال مشوارها الفني أن تقدم قرابة 300 منولوج بأسلوبها الخاص وبأداء راقص ولغة جسد استطاعت توظيفها لتوصيل الفكرة حتى أصبحت تشبه الأوبريت أو العرض المسرحي، ورحلت عام 1994.