غيرة أم شغف.. حكاية زكي مبارك مع 3 دكتوراه.. ولماذا هاجمه طه حسين والعقاد والمازني
شغوف بالعلم ويعشق الدراسة، هو صاحب الدكتوراه المتعددة حيث حصل على ثلاث درجات للدكتوراه في الأدب والنثر والتصوف الإسلامى من فرنسا حتى سُمي بالدكاترة زكى مبارك ـ وُلد في مثل هذا اليوم 5 أغسطس 1891.
اهتم والده المتصوف بتحفيظه القرآن الكريم فألحقه بالأزهر عام 1908 على غير رغبته لكنه انتسب إلى الجامعة المصرية، إلا أن زكى مبارك انتسب إلى الجامعة المصرية عام 1916 بعد إتقانه اللغة الفرنسية، وحصل فيها على الليسانس، ثم الدكتوراه في عام 1924.
شارك زكي مبارك في ثورة 1919، فقد كان ثائرًا بالمعنى الذي تعنيه الكلمة يخطب ويحفز الجماهير ويلقي القصائد الوطنية ويفر من ملاحقة الإنجليز، وذكر أنه اختفى في غرفة فوق السطوح طيلة ثلاثة أشهر لدى أحد أبناء سنتريس، وهو القبطي أنيس ميخائيل، ابن قريته في محافظة المنوفية، بعدما حاصر الإنجليز منزله أكثر من 3 مرات يريدون اعتقاله، ومن ثم قتله.
ثلاث دكتوراة
أصر زكى مبارك على السفر إلى باريس على نفقته الخاصة للحصول على الدرجات العلمية، وكان يعمل ليلا لينفق على دراسته نهارا، فحصل على ثلاث دكتوراة، وتساءل الأدباء من أصدقائه هل الدراسة كانت رغبة أصيلة منه أم أنها غيرة من الدكتور طه حسين.
الفكاهة والسخرية
ورغم انشغاله بالدراسة في فرنسا إلا أن عروبة زكى مبارك كانت متأصلة فيه متحمسًا إلى حد أنه اقترح تسمية البحر المتوسط ببحر العرب، وكان مهووسًا بكتابة المقالات في الصحف التي وصلت ألف مقالة، وكانت كتاباته تتميز بالفكاهة والسخرية والشكوى من الظلم والاضطهاد حتى إنه كتب يقول (إن بنى آدم خائنون تؤلف يا زكى 45 كتابا منها اثنان بالفرنسية وتنشر ألف مقالة في البلاغ وتصير دكاترة ـ وأنت الوحيد في ذلك ـ ومع هذا تظل تعمل مفتشًا في نظارة المعارف).
بالرغم من أنه نشأته الريفية ميسورة الحال بل مدللة إذا قيست بنشأة طه حسين أو المازنى أو العقاد، لكنه كان مشتتا ولو كان يركز في أدبه لصار مساويا في شهرة العقاد والمازنى وطه حسين.. إلا أن شعوره بالظلم وإحساسه بالاضطهاد شغله عن أدبه، ومن هنا فهذا يعنى أن زكى مبارك لم يكن ناضج العقل أو الموهبة.
قالوا عنه:
ناصبه الكثير من الأدباء العداء فقال عنه الدكتور طه حسين (هو الرجل الذى لا يخلو إلى قلمه إلا احتال على رأسه عفريت)، وقال عنه الأديب عباس محمود العقاد (إن موضوعه الوحيد هو زكى مبارك فهو كاتب بلا شخصية ولا طابع)، وقال عنه عبد القادر المازنى (إنه لو أخلى كتاباته عن من الحديث عن زكى مبارك لكان أحسن مما هو عليه).
وهناك من الكتاب من تعاطف معه فقال عنه أحمد حسن الزيات (هو لون من الوان الادب المعاصر ولا بد منه ولا حيلة فيه، هو الملاكم الأدبى في ثقافتنا الحديثة)، ووصفه الأديب محمود تيمور (كشكول حى مبعثر بل مسرحية مختلطة فيها مشاهد شتى من مأساة وملهاة أو لكأنه برج بابل ملتقى النظائر والأضداد).
وبالرغم من ذلك فقد ظُلم زكى مبارك في حياته حتى إنه عندما كان أستاذًا بالجامعة طُرد منها بسبب مناصرته الدكتور طه حسين في قضية كتابه الشعر الجاهلى.
وكما يحكى بلدياته الساخر محمود السعدنى أن زكى كان يخصص كشكًا أمام بيته في سنتريس يقيم فيه ندواته ومناقشاته في فصل الصيف، وبعد رحيله هدم هذا الكشك، وكان يجب أن يحول إلى متحف باسم زكى مبارك، وأيضا عاش زكى مبارك حياة التشتت والضياع كل عدة سنوات يذهب إلى باريس لإحضار دكتوراه جديد وهو يعلم أنها لا تغنى ولا تسمن من جوع خاصة وهو مطرود من الجامعة المصرية.
تروى الإذاعية كريمة زكى مبارك أن والدها زكي مبارك.. شاعر وناقد أدبي لم يترك بابا للعلم وللدراسة إلا طرقه، فاستحق لقب الدكاترة "زكي مبارك" عن جدارة، كان ناقدًا ثائرًا لم يغشّ أحد، استغل قلمَه في النقد، وخاض الكثير من المعارك، ورغم ذلك لم ينل حقه من الاحتفاء والتكريم فهو تعرض لظلم كبير ولذلك قامت بجمع ونشر بعض مؤلفاته التي لم ينشرها ومنها "مجنون سعاد، زكى مبارك ناقدا، بين آدم وحواء"، وإلى جانب عدة دواوين شعرية من بينها "أطياف الخيال، أحلام الحب، قصائد لها تاريخ".
حياة الضياع
وأضافت: أيضا عاش زكى مبارك حياة التشتت والضياع كل عدة سنوات يذهب إلى باريس لإحضار دكتوراه جديد، وهو يعلم أنها لا تغنى ولا تسمن من جوع خاصة وهو مطرود من الجامعة المصرية، عاش زكى مبارك مظلوما مضطهدا ومات مظلوما.