لحم كلاب يا ولاد الـ........
لم أعهد طول حياتي شعب أكل لحوم الكلاب والحمير والفئران رغم أنفه مثلما حدث مع الشعب المصري، وكأن جميع الحكومات التي تعاقبت على مصر منذ سنوات قد عقدت العزم على الخلاص من الأغلبية العظمى منه، بعد أذاقته الآلام ومرارة المرض. فمنذ أيام تم الكشف عن دراسة كارثية قام بها مجموعة من الباحثين بكلية الزراعة بجامعة القاهرة خلال العام الماضي، جمعوا خلالها 60 عينة من لحوم اللانشون والهمبورج والشاورما والهوت دوج من 45 مصدرا مختلفا في مصر، وإخضاعها للتحليل في معامل معتمدة عالميًا، غير أن النتائج كشفت خلو عينات تلك المنتجات بالكامل من اللحم البقري، واحتواء أغلبها على لحوم كلاب وحمير وخنزير وحصان.
الغريب فى الأمر، أنه على الرغم من النتائج الكارثية التي كشفت عنها الدراسة والتي ترتقي لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، إلا أن إدارة الكلية حاولت التعتيم عليها، بل وتكذيبها في بيان رسمي فور تسريبها، غير أن عميد الكلية السابق الدكتور عمرو مصطفى خرج وأكد صحة البحث ونتائجه.
لحوم غير صالحة
الواقع يؤكد وللأسف أن تلك النتائج الكارثية لم تكن الأولى أو الأخيرة التي تكشف عن فوضى صناعة الغذاء في مصر، وما يتعرض له المصريين من مؤامرات تستهدف حياتهم بشكل مباشر فى غيبة من الحكومة، حيث سبق أن حذر تقرير أصدرته هيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة في الشهر الماضي، من وجود منتجات لحوم بالأسواق المصرية مخلوطة بلحوم مغشوشة تحمل فيروسات وفطريات وطفيليات وأمراض بيولوجية تؤدي إلى الإصابة بالتسمم الغذائي الكيميائي، الذي قد يؤدي إلى الوفاة.
ولم تقف مهزلة الغذاء في مصر عن هذا الحد، حيث سبق أن أصدرت نقابة البيطريين منذ عامين تقرير كارثي لا يمكن وصف ما جاء فيه سوى بالجريمة التى تستوجب عقوبة الإعدام، كشف عن استخدام لحوم الكلاب والحمير والفئران أيضا فى صناعة اللحوم المصنعة التي تباع بالأسواق المصرية بأسعار زهيدة، بعيدا عن أي رقابة صحية أو إشراف بيطري.
كما كشف التقرير الفضيحة أيضا، عن استخدام العديد من المحلات لجلد الحمير فى صناعة الحواوشي، واحتواء اللانشون المصنع في كبرى المصانع على لحوم الفئران، التي تدخل إليه عن طريق أجولة فول الصويا التى يتم فرمها بشكل مباشر دون النظر إلى ما تحتوية من فئران وحشرات ومخلفات ضارة.
ولآن الهدف هو جمع ثروات على حساب صحة الشعب المسكين، فقد كشف التقرير عن كارثة من المستحيل أن تحدث سوى فى هذا البلد، حيث أكد أن أغلب الطاعم فى مصر تقدم لروادها لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي، وتحتوى على أوبئة، ويتم حفظها داخل براميل مخصصة لحفظ المواد الكيماوية تتفاعل مع الدهون وتكون مواد تؤدى إلى الإصابة بالعديد من السرطانات، بل إمتد حجم الإجرام بعدد من المطاعم اإلي تقديم وجبات من الدواجن الميتة، فى غيبة تامة من الرقابة الصحية.
أغذية فاسدة
كارثة الغذاء في مصر لم تتوقف للأسف عند تلك الجرائم، حيث أكدت تقارير منذ سنوات، أن الآلاف من عربات الكبدة التي تنتشر بشوارع القاهرة، تقدم وجبات من الدم المجمد الذي يتم تجميعه من السلخانات، ويحوي أوبئة وملوثات مدمرة.
فى حين كشفت دراسات أخرى أن الآلاف من عربات الفول التى يتزاحم عليها المصريين كل صباح، تمد المواطنين يوميا بجرعة مدمرة من بودرة كيماوية خطيرة تسمى الاديتا أو ما يطلق عليه "فنكوش الفول" للمساعدة فى طهية خلال ساعات قليلة، غير أن نتائج الدراسات أكدت أن هذه المادة تؤدي إلى توقف إنزيمات الكبد، والإصابة بالفشل الكلوي، وتقطعات بالرئتين والبنكرياس.
حجم الإجرام بحق المصريين لم يتوقف للأسف عند هذا الحد، بل وصل بعدد من مصنعي الأغذية في مصر إلى استخدام الفورمالين السام الذي يستخدم في حفظ جثث الموتى، لحفظ أصناف معينة من الأجبان، بل واستخدام مواد كيماوية وصبغات الاحذية في تصنيع المخللات، في غيبة تامة من السلطات الصحية.
المحزن، أن كل المصانع والمطاعم التي ارتكبت ومازالت ترتكب كل هذه الجرائم بحق المصريين مازالت تعمل، وتلقى بآلاف الأطنان من الأغذية الفاسدة إلى الأسواق يوميا، ولم تجرؤ السلطات على إغلاق أي منها، لا لشيء سوى أن الحكومة مازالت تتعامل مع كل تلك المنشاءات -ومنها مصانع بير السلم - وفق تشريعات هزيلة بعضها صدر في الستينات من القرن الماضي، لا تعاقب سوى بغرامات تافهة في جرائم ترتقي إلى حد القتل العمد.
العقل يقول أنه لو طبقنا مقاييس سلامة الغذاء المتبعة في دول العالم المحترم على ما يتناوله المصريين من أغذية فاسدة، فإنه من المفترض أن يكون هذا الشعب قد فنى واندثر منذ سنوات، غير أن عناية المولى وحده هى فقط من تحميه، بعد أن تركه كل من البرلمان والحكومة فريسة لجشع مجرمين يحققون مكاسب خرافية على حساب سلامته، والله المنتقم.. وكفى.