نجيب محفوظ يحكي ذكرياته مع ثورة يوليو: "عبد الناصر أكبر نصير للفقراء في تاريخنا"
عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كتب أديب نوبل نجيب محفوظ، عن ذكرياته عن الرئيس الراحل، فقال: كنت قد انتهيت من كتابة الثلاثية قبل ثورة يوليو بمدة بسيطة، إلا أنه تعذر طبعها لضخامة حجمها، ولما قامت الثورة قام الأديب يوسف السباعى بنشر الثلاثية مسلسلة، ثلاثة أجزاء؛ "بين القصرين، قصر الشوق، السكرية".
طلب الرئيس عبد الناصر قراءة "بين القصرين"، وعندما زار الأهرام عام 1969 سألنى إذا كنت كتبت شيئًا، فقلت له: غدًا تنشر لى قصة في الأهرام، فعلق حسنين هيكل، قائلًا: “إنها قصة ترسل صاحبها إلى الجنايات، وجَّه عبد الناصر حديثه إلى هيكل، وقال: بل ترسلك أنت إلى الجنايات، وضحك الجميع، ونشرت رواية ”أولاد حارتنا"، وتوقف النشر قبل اكتمالها.
نصير الفقراء
وأنا أعترف رغم كل ذلك أن أكبر نصير للفقراء في تاريخنا كله كان جمال عبد الناصر، ومن هنا كنت أفرح وأؤيد كل حاجة يعملها وكنت متحمسًا، يعنى ناصري غير معلن، وثورة يوليو تبنت أحلامًا نبيلة، وكان لديها فرصة تاريخية لتجعلنا مثل ألمانيا أو اليابان، وكل قرار من قراراته الإصلاحية كان يقربنى منه.
تأميم القناة
كان قرار الرئيس عبد الناصر تأميم القناة أحد أهم محطات السعادة في حياتى وفى حياة الشعب المصرى كله؛ فقد جاء القرار ليؤكد للعالم أن البلد بلدنا، وأنه لن يتم استغلالنا بعد اليوم.
أقلعت عن لبس الطربوش نهائيًّا بعد الثورة إثر قرار الرئيس عبد الناصر بإلغاء لبس الطربوش، وكنت سعيدًا بذلك سعادة كبيرة.
أزمة مارس
حدثت بعد ذلك أزمة مارس 1954 وصراعات على السلطة والانفصال مع سوريا ثم هزيمة 67، وإقامة السد العالى والتصنيع وغيره وغيره.
أحدثت ثورة يوليو تأثيرًا كبيرًا في كتاباتي؛ فقد اعترفت بكل إيجابيات عبد الناصر، ولم أرحم السلبيات؛ فقد تصديت لنقد جمال عبد الناصر من موقع الانتماء إلى ثورته مقرًّا في الوقت ذاته بثرائه الثوري العظيم.
"التقيت جمال عبد الناصر عندما تم اختيار القاهرة مقرًّا لاتحاد الأدباء العرب، وأذكر أننا ذهبنا إلى عبد الناصر بصحبة يوسف السباعي، وقبلها التقيت معه في الحفل السنوى لتوزيع جوائز وشهادات التفوق، واستلمت منه إحدى هذه الجوائز، وبعد النكسة زارنا في الأهرام، وزار توفيق الحكيم في غرفته، وانتظرته أنا وصلاح جاهين، وصلاح طاهر، وحسين فوزى في غرفة أخرى وتحدثنا معه، وتحدث معنا بكل وود وكل صدق".
السيرة الذاتية
وتابع: "كل إيجابيات ثورة يوليو 1952 ومكانتها في العديد من أعمالي، مثل: "حديث الصباح والمساء، ميرامار، ثرثرة على النيل، قلب الليل" وغيرها، ومعظم هذه الأعمال قرأها عبد الناصر وعكست موقفي من الثورة تمامًا، ومع ذلك لم يعتقلني عبد الناصر، ولم يصادر لى رواية؛ لأنني لم أقل شيئًا يسيء إلى الثورة، لكنى فوجئت بالناصريين يهاجمونني بعد صدور كتاب رجاء النقاش عن سيرتي الذاتية.. وكأنهم فوجئوا بآرائي الآن، ولا أعتبر نفسي عدوًا للثورة ولا لعبد الناصر، لكن الغضب وعدم احتمال أي مخالفة جعل بعضهم يتصور أنى عدو لعبد الناصر".