رئيس التحرير
عصام كامل

سؤال الـ ٧٠ سنة.. لو عاد الجيش إلي ثكناته؟!

رغم سذاجة الطرح في أن تخرج طليعة لشعبنا من أبناء جيشه العظيم لتحريره ثم قبل أن تكمل مهمتها تعود إلي معسكراتها! إلا أننا سنناقش الطرح العبيط الذي يردده البعض لعشرات السنين.. ونسأل: متي كان علي الضباط الأحرار أن يعودوا لمعسكراتهم؟! بعد خروج الملك مثلا؟! وليكن.. من كان سيحكم مصر وقتها؟! سيقول أحدهم ببلاهة: تتم انتخابات والحزب صاحب الأغلبية يشكل الحكومة ثم يعدل الدستور ليحدد شكل النظلم السياسي.. لو برلماني فقد أجريت الانتخابات ولدينا حزب أغلبية.. ولو تحدد النظام رئاسيا يستكمل النظام بانتخابات رئاسية!

 

الكلام السابق عظيم.. سؤالنا الآن: من الذي سيترشح للانتخابات البرلمانية أصلا؟ هل كان سيتمكن أبناء الشعب الحقيقيون من الترشيح؟ هل كان يمكن لعامل بسيط أو فلاح أجير أو بملكية بسيطة أن يترشح؟! وإذا كان البرلمان الجديد وقتها سيعيد كل الموجودين.. فلماذا تحرك الضباط الأحرار إذن؟! هل لطرد الملك؟! استبدال حاكم بحاكم مع بقاء ذات الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو في التعريفات العلمية الانقلاب! أما الثورة فهي التغيير الجذري لكل ذلك..

إصلاح اقتصادى واجتماعي

 

ولو بقيت الأوضاع كما هي ما كان هناك إصلاح زراعي ولا إلغاء الألقاب ولا عدل اجتماعي حقيقي ينتشل الطبقات والفئات التي عاشت علي الهامش لعشرات السنين.. وبالتالي فلا كان هناك علاج ولا تعليم مجاني ولا مساكن شعبية للطبقات الفقيرة ولا تكافؤ في الفرص علي أساس الكفاءة فقط، ولا تغيير شامل في الريف المصري من وحدات مجمعة ومدارس ووحدات صحية وطرق جديدة وجمعيات زراعية، فضلا عن الإنارة التي بدأت مع السد العالي وغيرها وغيرها!


لو عاد الضباط الأحرار إلي ثكناتهم.. من كان سيمكنه تملك الصحف أو تأسيس الأحزاب الجديدة؟ الموظفون والفلاحون والعمال أم رجال السياسة قبل الثورة؟! إذا تملك الصحف وأسس الأحزاب هؤلاء ليستمر إنتاج حالة قبل الثورة فلماذا أيضا قام الضباط بتحركهم إذن؟!

 

الوضع يشبه اليوم -حتي نضرب مثالا شاهدناه بأنفسنا- أن يقوم قادة المجلس العسكري وكافة طوائف الشعب التي أشرفت علي استعادة مصر من الإخوان في ٢٠١٣ بالدعوة إلي انتخابات أخري.. برلمانية ورئاسية.. متاحة للجميع بما فيهم الإخوان مع عودة المجلس العسكري إلي قواعده دون إشراف أو تدخل في أي شئ وتبقي أموال الجماعة وميليشياتها المسلحة ومساجدها وقنواتها الفضائية وصحفها تحت يديها! فماذا كان الحال!

ونستكمل الفرض المذكور.. هل ستقبل أي حكومة أو أي وزير دفاع بوجود ضباط ثوار مارسوا السياسة وغيروا أوضاع بلدهم تحت إمرتهم؟ أم سيبعدونهم عن القوات المسلحة؟ ولم يكن أحد يضمن فيما بعد عدم محاكمتهم وسجنهم! وتكون المعادلة: خرجوا لتغيير أحوال شعبهم والنتيجة ضياع مستقبلهم ومستقبل شعبهم! وكنا الآن نحكي عن بلاهة هؤلاء وكيف ماتوا في السجن واحدا بعد آخر! ثم أليس أبناء الجيش العظيم من تراب هذا البلد ولهم فيه مثل ما لغيرهم؟!
 


للأسف شنت الجماعة الإرهابية حملة عاتية كاذبة علي ثورة يوليو قالت فيها ما لا تقبله العقول.. لأسباب تتعلق بالانتقام من الثورة التي أطاحتهم وحمت الشعب منهم.. لكن بكل أسي أن صدقهم بعض البسطاء -سنمشيها البسطاء- لكن بسطاء العقل والفهم والوعي بطبيعة الحال!
كل عام وشعبنا بخير.. المجد والسلام علي روح من أعادوا له مثل هذا اليوم قبل سبعين عاما وطنه المحتل وقناته وممتلكاته المغتصبة وأرضه التي سلبت منه عنوة ووزع منها الولاة علي محاسيبهم وخدم قصورهم ومن ساعدوا الاحتلال نفسه.. سلام علي أرواحهم.. سلام سلام !

الجريدة الرسمية