الشيخ الشعراوى: الدنيا غاية لغير المؤمن ووسيلة للمؤمن
الخير والشر قضية تثير في كل وقت جدلا كبيرا ويجتهد كل في الرأي بالتمييز بين الخير والشر ومن خواطر إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى عن هذا الجدل يقول:
سبب هذا الجدل المستمر هو عدم فهم المعنى الحقيقى للحياة لان الناس الا القليل منهم ركزوا مقاييسهم على ان الحياة الدنيا هي الغاية ولذلك تعبوا واتعبهم الله تعالى ولم يأخذ شيئا كما أتعبوا غيرهم.
إن الدنيا غاية بالنسبة لغير المؤمن فقط لأنه لا يعتقد ان هناك آخرة بل تنتهى حياته وطموحه واعماله عند الحياة الدنيا ناسيا ان هناك حياة أبدية مع أنه لو نظر نظرة العاقل لعرف ان الدنيا لا يمكن ان تكون هي الحياة للإنسان، لماذا ؟ لأن العمر فيها مظنون وغير متيقن فالانسان يتوقع ان يعيش في الدنيا حتى يبلغ السبعين او الثمانين او حتى اكثر، لكن هناك من يموت وعمره في الدنيا ساعة ،وهناك من يموت وعمره شهور، ومن يموت وهو في أرذل العمر.
الحكم الحقيقى
الانسان بطبيعته يأمل العيش في الدنيا كثيرا خالد لايموت، منعم لا تذهب عنه النعم، أو معذب لا يتركه العذاب ن لكن اذا اردنا ان نحكم على أشياء حكمها الحقيقى بالنسبة للإنسان فلابد ان نأخذ هذا الحكم بمقياس الاخرة ثم نضع المقاييس لتصبح احكاما صحيحة وسليمة ن ولكن لغفلتنا فإن مفاهيم الخير والشر بالنسبة لمعظمنا تتركز على الحياة الدنيا على أساس انها غاية وليست وسيلة، فما يحقق لنا متعة ولذة في الحياة نعتبره خيرا، وما يحقق لنا نوعا من الشقاء أو الحرمان مما نشتهيه نعتبره شرا، ومادام هذا مفهومنا فسنشقى ونبتعد عن الله.
المصالح الشخصية
ان اخذ الخير والشر بمفهوم شخصى حسب مصالحنا الشخصية خطأ لأن المقاييس الشخصية ناقصة وأنانية لاتعرف اين الخير وأين الشر، ولو قسمنا الحدث بمقاييسنا الشخصية نجد ان خير لإنسان وشر لإنسان آخر، فمثلا لو اقيلت وزارة وحلت مكانها وزارة أخرى فهذا الحدث شر للذين خرجوا وخير للذين دخلوا الوزارة مع انه نفس الحدث.
ولنا ان نتساءل كيف يكون الحدث نفسه خيرا وشرا في نفس الوقت ظ لابد هنا ان المقاييس مختلة لذلك فهى لا تعطى المعنى الحقيقى، ولو ان المقاييس غير مختلة لما وجدت هذا التضارب والتضاد في المعنى لكن عندما تختل المقاييس يختل معنى الاحداث، ومن هنا فإن المقاييس الشخصية لا تصلح حكما في هذه القضية ولابد ان هناك مقاييس أخرى وضعها الله سبحانه وتعالى في الكون فيها المعنى الحقيقى للخير والشر وتعطينا المعنى الحقيقى للحياة.
مفاهيم محدودة
هذه المقاييس لا يمكن ان نصل اليها بمفهومنا المحدود ولا بعلمنا القليل فأشياء كثيرة تغيب عنا تجعلنا لا نصلح كحكم على الخير والشر في الدنيا ولله فى ذلك حكمة.