الشيخ متولى الشعراوى يشرح معنى الإفاضة من عرفات
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة البقرة: (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) فما معنى الافاضة من عرفات، يشرح الشيخ محمد متولى الشعراوى ذلك فيقول: قوله تعالى " فإذا أفضتم من عرفات " ذلك حكم مسبق بأن عرفات ستمتلئ عند الخروج منها امتلاء تراه فائضا عن العدد المحدد لها، فكأنه يفيض..وهذا حكم من الله في الحج.
وأنت إذا شهدت هذا المشهد ورأيت الحجاج وهم يفيضون من عرفات..فكأنك ترى إناء قد امتلأ وأخذ يفيض، وانت لا تدرى من أين تأتى هذه الأعداد ولا إلى أين يذهبون ؟
صورة الإفاضة
إن الذى ينظر إلى المسلمين وهم في عرفات يجدهم كتلا بشرية بلا نهاية، فإذا فاضوا في مساء ذلك اليوم ونزلوا من عرفات، فإنه يخيل اليك وانت تنظر اليهم كأنهم سيل يفيض، كتلا بشرية لا تستطيع ان تفرق بينها لأنها ترتدى نفس الملابس، ويخيل اليك انها تحوى نفس السمات فكأنهم سيل متدفق..هكذا تكون صورة الإفاضة من عرفات.
كتلة بشرية واحدة
إنك عندما تتأمل الناس المتوجهين إلى المزدلفة تتعجب أين كان كل هذا الجمع، ترى الوديان تسيل بالناس، تماما كالسيل العرم كتلة واحدة، ثم تحدث إفاضة ثانية بعد الإفاضة من عرفات هي الإفاضة من المزدلفة الى منى التي ذكرها القرآن في قوله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)
ويجب على الحاج ان يكثر من الثناء على الله اتفضله عليه بتيسير هذه الرحلة المباركة، وجاء بكم مؤمنين لبيت الله الحرام، ثم تعودون، وهذه مسألة تستحق الشكر والعرفان وأن يوالى الذكر لقوله تعالى (واذكروه كما هداكم) لأن هدايته لكم علمتكم أقصر طريق الى الخير، وعلمتكم الطريق الى المغفرة، ويسرته لكم مالا وصحة وسعيا، ولذلك فإن هذه الهداية من الله تستحق كل الشكر والذكر الكثير.
الحج الصحيح
ثم يقول الله تعالى (وإن كنتم من قبله لمن الضالين) أى من قبل الإسلام، لأنهم في الجاهلية كانوا يطوفون حول البيت عرايا، وكل ما يفعلونه أنهم يصفقون ويصفرون..ولكن الله تبارك وتعالى هداهم إلى الحج الصحيح الذى يغفر الذنوب.
والسؤال هنا هل الإفاضة اى البعدية معناها أنها بعد الوقوف بعرفات أم بعد المبيت في المزدلفة ؟ هذه الآية (افيضوا من حيث أفاض الناس) نزلت في أئمة قريش الذين كانوا يعتبرون أنفسهم هم أهل الحرم ويحاولون التميز عن باقى الناس ولذلك كانوا يفيضون أولا.
التمييز بين الناس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (كلكم لآدم وآدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وهكذا ينسخ الله مسلك قريش في محاولة التميز عن الناس، بأنه ألغى أى تمييز لقريش عن غيرها من العرب ، وبعض المفسرين يقول "إن معنى من حيث أفاض الناس..أى من حيث أفاض إبراهيم عليه السلام وصفه الله بأنه أمة ، وكلمة الناس تطلق على الانسان الذى يجمع خصائص متعددة.