تضمنت 5 عناصر.. وثيقة التنازل عن عرش مصر صاغها مجلس الدولة في يوليو 1952
أكد الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى، فى الجزء الثامن من دراسته التوثيقية بمناسبة ثورة 23 يوليو 1952، أنه ثقة فى وطنية قضاة مجلس الدولة فإن وثيقة التنازل عن عرش مصر صيغت بغرفة السنهورى باشا بقصر الأميرة فوقية،
وأوضح أن مجلس الدولة صاغ أهم وثيقة فى تاريخ مصر الحديث بالتنازل عن عرش مصر، وأنه لولا قوة وشجاعة رجال الجيش من الضباط الأحرار مع الشعب المصرى العظيم لظل نظام الملكية جاثمًا على جسد الأرض الطيبة، ويحكى قصة التنازل عن عرش مصر فى 26 يوليو 1952 وماذا دار بين الملك فاروق وعلى ماهر باشا صباحا والمستشار سليمان حافظ ظهرا فى خمسة عناصر:
5 عناصر
1-حكومة على ماهر باشا كلفت المستشار سليمان حافظ وكيل مجلس الدولة بقيام المجلس بصياغة الوثيقة فذهب بالتكليف إلى الدكتور عبد الرزاق السنهورى باشا الذى شكل لجنة ثلاثية برئاسته ووكيلى المجلس سليمان حافظ وعبده محرم
2- قبل عرض الوثيقة على مجلس الوزراء عُرضت على اللواء أركان حرب محمد نجيب فوافق عليها.
3- المستشار سليمان حافظ كُلف من مجلس الوزراء بالذهاب بالوثيقة إلى قصر رأس التين بالإسكندرية ليوافق الملك فاروق على وثيقة تنازله عن العرش لإبنه الأمير أحمد فؤاد، ولحظات نقاش قبل الرحيل.
4- قائد جناح جمال سالم أضاف عبارة " ونزولًا على إرادة الشعب " على صيغة الوثيقة والملك طلب من سليمان حافظ، إضافة كلمة " وإرادتنا " لكنه رفض فغادر بحرًا على متن يخت "المحروسة" قبل الساعة السادسة فى 26 يوليو 1952.
5- مجلس الدولة صاغ أهم وثيقة بتنازل الملك عن عرش مصر وهى لحظة فارقة فى تاريخ مصر والجيش المصرى البواسل والشعب المصرى ومجلس الدولة .
وفى دراسته التوثيقية التاريخية الوحيدة لتاريخ مجلس الدولة منذ (75) عامًا على إنشائه، تفتح الجمهورية الجديدة فى عهد الرئيس السيسى كنوز السيادة الوطنية لقضاء مجلس الدولة، تحكى دوره الوطنى الغائب ضد الاحتلال البريطانى وتدعيم ثورة 1952 للمفكر والمؤرخ القضائى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المصرى فى مؤلفه بعنوان: " الغائب فى التراث العظيم للأجداد الأوائل لنشأة مجلس الدولة فى السيادة الوطنية ضد الاحتلال البريطانى وتدعيم مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 من الضباط الأحرار بالجيش المصرى " وهى الدراسة التى حظيت بالاهتمام الوطنى للدولة، ونعرض لها لأهميتها التوثيقية المتفردة فى حياة الأمة المصرية.
قال القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أنه لمن لا يعرف قدر رجال مجلس الدولة الأوائل ومدى ثقة الدولة المصرية فى قضاته ووطنيتهم، فإن وثيقة التنازل عن عرش مصر صيغت بغرفة رئيس مجلس الدولة السنهورى باشا مع وكيلى المجلس المستشار سليمان حافظ وعبده محرم، والحاصل أن حكومة وزارة على ماهر باشا الرابعة التى تولاها يوم 26 يوليو 1952 حتى 7 سبتمبر 1952 والكائنة ببولكلى بالإسكندرية كلفت المستشار سليمان حافظ وكيل مجلس الدولة والذى كان يعمل حينذاك مستشار الرأى للحاكم العسكرى العام بأن يتولى مجلس الدولة وثيقة التنازل عن عرش مصر، فذهب المستشار سليمان حافظ وكيل المجلس بهذا التكليف - الذى ينم عن تقدير الدولة المصرية لفكر ووطنيه رجاله وقضاته من الرعيل الأول - إلى المستشار عبد الرزاق السنهورى باشا رئيس مجلس الدولة وتم تشكيل لجنة ثلاثية من وكيلى مجلس الدولة سليمان حافظ وعبده محرم برئاسة الدكتور عبد الرزاق السنهورى باشا رئيس مجلس الدولة.
أهم وثيقة فى تاريخ مصر الحديث
وأشار الدكتور محمد خفاجى جلست اللجنة الثلاثية فى غرفة رئيس مجلس الدولة الذى يقع فى الدور الأرضى من قصر الأميرة فوقية بالدقى – القصر الحالى الأن لمقر رئيس مجلس الدولة بصفته – وهم يصيغون أهم وثيقة فى تاريخ مصر الحديث ينتقل بها نظام الحكم من النظام الملكى إلى النظام الجمهورى بفضل عظمة وقوة وشجاعة وإقدام رجال الجيش من الضباط الأحرار الذى لولاهم مع الشعب المصرى العظيم لظلت نظام الملكية جاثمًا على جسد الأرض الطيبة صاحبة البناء الحضاري الإنسانى تلك الثورة التى غيرت الكثير من تاريخ مصر، ووضعت حدًا للفترة الملكية لتبدأ معها الفترة الجمهورية لمصر وتسمى جمهورية مصر العربية.
وذكر الدكتور محمد خفاجى بعد أن فرغ المستشار عبد الرزاق السنهورى باشا رئيس مجلس الدولة وكل من المستشارين سليمان حافظ وعبده محرم وكيلى مجلس الدولة فى كتابة وصياغة وثيقة تنازل الملك فاروق عن العرش لإبنه الأمير أحمد التى تمت داخل عبق الماضى الجميل للمجلس فى غرفة رئيس مجلس الدولة اَنذاك، ذهب بالوثيقة المعدة المستشار سليمان حافظ إلى مجلس الوزراء ،الذى كان مجتمعًا فى انتظار تلك الوثيقة ووافق عليها على الفور، وكان على ماهر باشا رئيس الوزراء قد ذهب فى صباح يوم 26 يوليو 1952 لقصر رأس التين بالإسكندرية وتحدث إلى الملك فاروق عن رغبة الجيش والشعب المصرى معًا إلى تنازل الملك عن العرش، ثم كلف مجلس الوزراء برئاسة على ماهر باشا المستشار سليمان حافظ بالذهاب بالوثيقة إلى قصر رأس التين بالإسكندرية الأثيرة الذى كان محاصرًا بالقوات المسلحة ليوافق الملك فاروق على وثيقة تنازله عن العرش لإبنه الأمير أحمد فؤاد، وكانت تلك اللحظة التاريخية بتاريخ ٤ ذى القعدة ١٣٧١ هجرية الموافق ٢٦ يوليو ١٩٥٢ ميلادية بالأمر الملكى رقم ٦٥ لسنة ١٩٥٢ بقصر رأس التين
وقد جاء نص الوثيقة كالتالى: " نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان، لما كنا نتطلب الخير دائمًا لأمتنا ونبتغى سعادتها ورقيها، ولما كنا نرغب رغبة أكيدة فى تجنيب البلاد المصاعب التى تواجهها فى هذه الظروف الدقيقه، ونزولًا على إرادة الشعب، قررنا النزول عن العرش لولى عهدنا الأمير أحمد فؤاد، وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع على ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه " صدر بقصر رأس التين فى ٤ ذى القعده ١٣٧١ هجريه الموافق ٢٦ يوليو ١٩٥٢ ميلادي.
وثيقة التنازل عن العرش
ويوضح الدكتور محمد خفاجى عن ظروف يوم 26 يوليو 1952 فالواقع أن الملك فاروق طلب من علي ماهر باشا عندما التقى به فى صباح ذلك اليوم بأن يحافظ على كرامته في وثيقة التنازل عن العرش، فقام علي ماهر باشا بطمأنة الملك فاروق ذاكرًا له أن تكون الوثيقة على غرار الوثيقة التي تنازل بها ملك بلجيكا عن عرشه، وعلى إثر ذلك اتصل علي ماهر باشا رئيس مجلس وزراء مصر بالدكتور عبد الرزاق السنهوري طالبًا منه تحرير وثيقة التنازل عن عرش مصر، فأعدت الوثيقة وقبل عرضها على مجلس الوزراء عرضت على اللواء أركان حرب محمد نجيب فوافق عليها.
وأشار الدكتور محمد خفاجى إلى لحظات غاية فى الدقة فى تاريخ مصر بأن اقترح قائد جناح جمال سالم إضافة عبارة: " ونزولًا على إرادة الشعب " على صيغة الوثيقة وتم تكليف سليمان حافظ بحمل الوثيقة وتوقيعها من الملك، فاستقبله الملك فاروق بقصر رأس التين وقرأها أكثر من مرة كما يروى سليمان حافظ، ورضى عن الشكل القانوني لها وتناقش فى عجالة مع المستشار سليمان حافظ وقال له أنه يريد إضافة كلمة " وإرادتنا " عقب عبارة " ونزولًا على إرادة الشعب "، لكن المستشار سليمان حافظ رفض تلك الإضافة وأفهم الملك أن صياغة الوثيقة في صورة أمر ملكي تنطوي على ذات هذا المعنى الذى يعبر عن الإضافة التى يريدها، وأنه لا داعى لتكرارها، كما أفهمه أن تلك الصياغة تمت بصعوبة كبيرة على هذا النحو ولا تسمح بإدخال أي تعديل يطرأ عليها بأى شكل، فغضب الملك فاروق وقتها وكان في حالة عصبية سيئة لا يستطيع معها إعادة النقاش مرة أخرى وقد بدأ بالفعل يستعد لمغادرة البلاد بحرًا على متن يخت "المحروسة" قبل الساعة السادسة من يوم 26 يوليو 1952.