الأول استغله للزواج والثاني للثورة.. قصة إنشاء التليفزيون المصري من فاروق لعبد الناصر
في مثل هذا اليوم 21 يوليو 1960 وفى السابعة مساءً انطلقت محطة التليفزيون المصرى من القاهرة لتواكب الاحتفالات بالعيد الثامن لثورة يوليو المجيدة التي قادها الرئيس جمال عبد الناصر، وأقبلت الجماهير على شراء أجهزة التليفزيون التي وصل الحد الأدنى لسعرها 35 جنيهًا.
ولدخول التليفزيون المصرى إلى مصر قصة؛ حيث إنه بمجرد أن استتب الأمر للثورة ورجالها، وبعد عامين عرض وزير الإرشاد القومى ـ في ذلك الوقت ـ الصاغ صلاح سالم على الرئيس جمال عبد الناصر فكرة إنشاء محطة تليفزيونية مصرية فوق جبل المقطم، ورفض عبد الناصر بشدة بحجة أن هذا ليس وقته وأن الأهم من ذلك تحقيق أهداف الثورة الستة، واستطاع وزير الإرشاد إقناعه بالفكرة حتى وافق وبدأ في المشروع، إلا أن وقوع العدوان الثلاثي على مصر تسبب في تأخير مشروع انطلاق التليفزيون.
مبنى ماسبيرو
وفي عام 1959 بدأ إنشاء مبنى للتليفزيون المصرى في الموقع المقام به حاليًا، والذى يطلق عليه مبنى ماسبيرو، وبعد ستة أشهر وفي عام 1960 كانت الإستديوهات التليفزيونية تحت التجهيز والإعداد، وكانت التجارِب الأولى في مسرح قصر عابدين؛ حيث عادت البعثات المصرية من الخارج بعد أن كانت مصر قد وقَّعت عقدًا مع هيئة الإذاعة الامريكية لتزويد مصر بشبكة للتليفزيون وتدريب العاملين على هذه الشبكات.
البث التجريبي
تم الانتهاء من إنشاء مبنى الإذاعة والتلفزيون "ماسبيرو" في 1960، وكان أول بث تلفزيوني مصري تجريبى في 21 يوليو 1960على صوت السلام الجمهوري وتلاوة القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد صديق المنشاوى، وظهر الإذاعي صلاح زكي كأول مذيع على شاشة التليفزيون، ومع الانتقال إلى إذاعة خارجية إلى مجلس الأمة على صوت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يدوي فى مصر وسوريا عبر شاشات التليفزيون لإذاعة خطابه، يليه أوبريت "وطني الأكبر" من تلحين محمد عبد الوهاب، واستمر البث خمس ساعات تخللها الأغاني الوطنية، ورقصات فرقة رضا الشعبية، وكان ذلك بثًّا تجريبيًّا لليوم الأول؛ حيث قدَّم المذيعان "همت مصطفى وسعد لبيب" النشرة الإخبارية، كما تولت همت مصطفى الربط بين الفقرات.
برامج الشباب
فى اليوم التالى تم بث برامج للشباب؛ فقدمت المذيعة أماني ناشد البرنامج الحواري "نادي الشباب"، ومن البرامج الكوميدية "عائلة البيانو"، وكانت من تمثيل الفنانين "حسن فايق، توفيق الدقن، وداد حمدى وسعيد أبو بكر" لتتوالى بعدها إنتاج وتقديم البرامج.
هيئة مستقلة
تكلف مبنى ماسبير 108 آلاف جنيه وأقيم على مساحة 12 ألف متر بشارع ماسبيرو على كورنيش النيل، وفي 13 أغسطس 1970 أنشأ المرسوم الجديد لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، ويشمل أربعة قطاعات: "الإذاعة، التليفزيون، الهندسة، التمويل" وتديره وزارة الإعلام، وبعد إلغائها أصبح الآن هيئة مستقلة.
بعد حرب أكتوبر تحوَّل نظام تشغيل التليفزيون إلى العمل بالألوان بنظام "سيكام"، وفى عام 1992 أصبح يعمل بنظام "بال"، وأضيفت القناة الثالثة عام 1988 ثم القنوات الرابعة والخامسة وهكذا حتى الثامنة، وفى عام 1990 تم بث القنوات الفضائية وقطاع قنوات النيل المتخصصة.
فكرة قديمة
تشير الأخبار والدراسات إلى أن بدايات فكرة إنشاء تليفزيون مصري تعود إلى فترة حكم الملك فاروق وتحديدًا في عام 1944؛ حيث اعتمدت الحكومة المصرية في هذا الوقت مبلغ 200 ألف جنيه لبناء إستديوهات للإذاعة والتليفزيون إلا أن المشروع تم تأجيله إلى عام 1951.
وأجرت الشركة الفرنسية لصناعة الراديو والتليفزيون أول تجرِبة للإرسال في مصر؛ حيث قامت بتصوير المهرجانات والاحتفالات التي أُقيمت بمناسبة الزواج الثاني للملك السابق فاروق من الملكة ناريمان؛ حيث أقامت محطة إرسال مؤقتة بمبنى سنترال باب اللوق، وتوقف بعدها المشروع حتى بدأ إنشاؤه بقرار من الرئيس عبد الناصر.