يوسف وهبي.. القمار وعلاقة سرية بممثلة وراء إفلاسه.. ومنح لقب فنان الشعب بقرار وزاري
في مثل هذا اليوم الرابع عشر من يوليو 1898، ولد عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي، على بحر يوسف بالفيوم، درس بالمدرسة السعيدية ثم مدرسة مشتهر الزراعية، وبالرغم أنه ابن الباشا عبدالله وهبى إلا أنه عشق الفن فبدأ في إلقاء المونولوجات في حفلات الأصدقاء، ثم قام بالتمثيل في فرقة عزيز عيد وهو طالب وكانت مسرحية حنجل بوبو هي أولى مسرحياته.
سافر يوسف وهبى إلى إيطاليا لدراسة التمثيل والإخراج بمعهد ميلانو مع المخرج محمد كريم، وتتلمذ على يد الممثلين الإيطاليين تيتنا روفو وكبانتوني، وعاد إلى مصر عام 1921، ليشترى دار سينما راديو بشارع قصر النيل، وشيد عليها مسرحا أطلق عليه مسرح رمسيس ليكون عليه فرقة رمسيس التي كانت تضم مجموعة كبيرة من النجوم كانوا في بداياتهم الفنية وخرجوا منها نجوما لامعين.
فرقة رمسيس
قدمت فرقة رمسيس أول مسرحية لها باسم "المجنون" التي قام يوسف وهبى فيها بدور المجنون وتلاها تقديم أكثر من 400 مسرحية من المسرحيات الهادفة أخرج منها 250 مسرحية وكتب منها 60 رواية، حتى لقب بفنان الشعب، منها: غادة الكاميليا، راسبوتين، بيومى أفندى، سفير جهنم وغيرها، وتميز في مسرحياته بإلقاء الإفيهات مثل ياللهول، ما الدنيا إلا مسرح كبير، شرف البنت زى عود الكبريت.
الممثلة الإيطالية إلينا لوندا
أثناء وجوده في إيطاليا إلتقى يوسف وهبي بحبه الأول عام 1922، وهي الممثلة الإيطالية إلينا لوندا، وقد وقع في غرامها وبدأت قصة حبهما تشتعل على مسرح إيدن في ميلانو، وتكللت القصة بالزواج وهو في عمر الـ24 عامًا، ووقتها انتقل من أدوار الكومبارس إلى أدوار ثانوية.
عزيزة أمير
بدأت الغيرة تدب في حياتهما، فتسببت في خلافات شديدة، وكانت زوجته تغار من علاقته بالممثلة عزيزة أمير، التي تقاسمت معه أدوار البطولة في ذلك الوقت وظهرت معه في الموسم الرابع لفرقة رمسيس، ووصل الأمر لتهديدات بالقتل، فدخلت إلى المسرح ممسكة بالمسدس في محاولة لإبعاد عزيزة عنه. سافرت بعد الحادثة إلى جنوة، وطلبت من زوجها نفقة بواسطة المحامي لكنه أرسل لها ورقة الطلاق، وانفصل عنها عام 1925.
لاحقت الشائعات يوسف وهبي وعزيزة أمير، وقيل بأن بعض النجمات شعرن بالغيرة وأطلقن الشائعات بسبب اهتمامه بعزيزة وإعطائها دور البطولة، رغم كونها مبتدئة، لكنه لم يهتم وأصر على دعم عزيزة التي اعتذرت عن الأعمال المسرحية وركّزت على السينما.
عائشة فهمي
في إحدى الحفلات في منزله، تعرّف يوسف وهبي على عائشة فهمي، فوالدها هو صديق لوالده، ونشأت قصة حب بينهما ظلت سرية، وكان يعرف مضمونها صديقه الموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي شجعه على إتمام الزواج منها.
اقتنع يوسف وهبي وتزوجها رغم فارق العمر بينهما، فكانت تكبره بـ16 عامًا، وفي بداية الزواج شعر بالسعادة، لكنه فيما بعد شعر بالقيود لأنها كانت تراقب كل تصرفاته وحركاته وترغب في الاستحواذ عليه، فبدأ في هجر قصرها في الزمالك، حتى إنه لم يأخذ ملابسه ولم يكن معه مال، فعرضت عليه عقار من 500 فدان، لكنه رفض وقرر السفر لفترة ولدى عودته علم أنها رفعت قضية النفقة، وقام محاميها بالحجز عليه وإعلان إفلاسه، فذهبت صديقته الممثلة أمينة رزق إلى زوجته وطلبت منها التراجع عن الدعاوى القضائية.
بعد انفصاله عن عائشة فهمي، ارتبطت بالفنان محمود شكوكو وتردد بأنه تم الزواج، الذي أزعج وقتها يوسف وهبي كثيرًا، وبدأت الخلافات بينه وبين شكوكو، وقيل بأن وهبي قال وقتها رأيه في هذه الزيجة بأنها إهانة لبنات العائلات الكبرى، لزواجها من مونولوجست، بعد زواجها من عميد المسرح العربي.
الزواج الثالث
بالرغم من ظروفه المادية، وبعد إعلان إفلاسه بسبب زوجته عائشة فهمي، إلا أنه وقع في حب سعيدة منصور، التي حاولت أن تصلح الخلافات بينه وبين عائشة، حتى بعد وقوع الطلاق.
أحبته سعيدة منصور رغم ظروفه الصعبة، وكانت هي من عائلة ثرية ومتزوجة لكنها انفصلت عن زوجها لتتزوج من يوسف وهبي رغم تهديدات إخوتها وزوجها وظلت معه حتى وفاته في عام 1982، بالرغم من زواجه 3 مرات، لكنه لم يرزق بأولاد.
أمينة رزق
منذ بداية عملها في فرقة رمسيس، أصبحت علاقة أمينة رزق بيوسف وهبي قوية، فكان أستاذًا لها وصديقًا مقربًا، وكان دائمًا يتردد بأن حبها له هو سبب عدم زواجها حتى وفاتها في عام 2003، لكنها كشفت خلال حلقة تلفزيونية أن حبها له لم يكن غرام امرأة برجل، بل كانت تشعر أنها سعيدة إذا كان سعيدًا، وما جمع بينهما هو الحب والإحترام والتقدير، وبأنها كانت طرفًا في زيجاته.
آخر أدواره
ثم كانت آخر أدوار يوسف وهبى على المسرح جملة واحدة في دور صغير بآخر مسرحيات عبد الرحمن الشرقاوى ثأر الله والحسين ثائرا في دور وحشى قاتل حمزة عم النبى حيث قال: (وقتلت حمزة في أحد ودخلت الإسلام ولم يصافحنى رسول الله).
اتجه يوسف وهبي إلى السينما حيث اشترك فى تمثيل الفيلم الصامت "زينب" عام 1929، وهو ثامن فيلم فى تاريخ السينما المصرية، ثم قدم أول فيلم مصري ناطق باسم "أولاد الذوات".. أما فيلم "غرام وانتقام" عام 1944 فقد أعجب الملك فاروق جدا، ومن أجل ذلك منحه الملك لقب البكوية، وأصبح يوسف بك وهبي.
كان الفنان يوسف وهبي أول من عمل نظاما للشئون المالية والإدارية للمسرح، وعاش حياته بالطول والعرض عاش الثراء الفاحش كما عاش الفقر المدقع فقد أشهر إفلاسه أكثر من مرة، لكنه كان يعود واقفا، انضم إلى الإذاعة وسجل لها مسرحية بيومى أفندي عام 1926، وعين لإدارة الفرقة القومية ـ المسرح القومى حاليا ـ أكثر من مرة.
عن الفنان يوسف وهبي قال الكاتب الصحفي مصطفى أمين: لم يهاجم ممثل في تاريخ مصر مثلما هوجم يوسف وهبى، فقد كان كل ما يقدمه موضع نقد، من فضائله أنه أدخل نهضة مسرحية في مصر لم تكن موجودة من قبل، كما يكفي أنه من نتيجة وجود مسرح وفرقة رمسيس أن أصبح في كل مدرسة في مصر جمعية للتمثيل يقدم من خلالها رواية أو مسرحية أو حفلة غنائية، إن عملاقا والعملاق يجب أن يكون حوله عمالقة، فكان كل من عمل معه عملاقا، خرج من فرقته روز اليوسف وزينب صدقى وروحية خالد وفردوس محمد وفاطمة رشدى وكذلك حسين رياض وحسن فايق وأحمد علام واسطفان روستى وحسن البارودى وغيرهم، وكل ممثل عمل معه أصبح عملاقا وهذا درس لكل من يرغب أن يكون ممثل بل ممثل يريد أن ينجح.
كرم يوسف وهبى كثيرا في حياته فحصل على الجائزة الأولى في التمثيل المسرحى للرجال عام 1960 وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1960، وجائزة الدولة التقديرية في عام 1970 التي سلمها له الرئيس جمال عبد الناصر ثم حصل على جائزة الدولة التقديرية مرة ثانية.
وفى عام 1972 صدر قرار وزاري بمنحه لقب فنان الشعب، وفى عام 1973 أطلق اسمه على مسرح الجمهورية كما حصل على قلادة الجمهورية، وفى عام 1975 منحته أكاديمية الفنون الدكتوراه الفخرية من الرئيس أنور السادات، كما منحه بابا الفاتيكان وسام "الدفاع عن الحقوق الكاثوليكية"، كأول مسلم يحصل عليه.
حب القمار
اعترف يوسف وهبي في مذكراته، التي نشرت في عام 1937، بعنوان عشت ألف عام – مذكرات عميد المسرح المصري، قائلا: "مغامرات مع النساء تفوق حد الخيال، راغبات في خلق علاقات مع ذوي الشهرة، وفضوليات متعطشات للتذوق والتجربة، فراشات تغريها الأضواء يتساقطن في أتون النار، لكنني كثيراً كنت ضحية للمغريات. أنا لا أدعي أنني كنت قديسًا أو راهبًا في محراب، أو متصوِّفًا، أو معصومًا من الخطأ والشهوات، لكنني - كغيري أيام الشباب والفتوة - كنت أستجيب أحيانا للإغراء والجمال في شيء من النهم. لكنني لم أشرب الخمر ولم أتعاطَ المخدِّرات، ولم أرتكب موبقات سوى حبي السابق للقمار، الذي سلبني عشرات الألوف".
فكان معروف عن يوسف وهبي حبه الشديد للقمار وقتها، فلم يكن يمل من لعب القمار وسباقات الخيل والكلاب، حتى خسر أمواله.
غير نادم عما قدمه
كانت آخر كلمات يوسف بك وهبى في جريدة الشرق الأوسط إنه راض كل الرضا عن مشواره الفني، كما أن مهنة التمثيل لا تقل عن أي مهنة أخرى والمسرح مهنة محترمة يجب احترامها، ويتعجب من أن أحد الممثلين كان قد مثل أمام إحدى المحاكم في مصر، ورفض القاضى شهادته ووصفه أنه مثل الأراجوز لا تقبل شهادته أمام المحاكم ـ يقصد الشيخ على يوسف صاحب جريدة المؤيد الذى تزوج صفية بنت الحسب والنسب وتم التفريق بينهما ورفضت شهادته.