رئيس التحرير
عصام كامل

أنا ومطرب إيران الأول

خلال شهر فبراير عام 2015 لبيت دعوة من الجمهورية الايرانية برفقة عدد من الزملاء الصحفيين لحضور احتفالات عيد الثورة، الذى يعد هناك بمثابة عرس تعج خلاله كل شوارع المدن الإيرانية بالأفراح والاحتفالات الرسمية والشعبية. إلا أنه بعد وصولنا بساعات، قررت السلطات تقسيم الوفد الصحفى المصرى إلى 3 مجموعات، بحيث تسافر كل مجموعة إلى أحد المدن الايرانية الكبرى لمدة يومين، للتعرف على معالمها وحضور احتفالات عيد الثورة بها.

 

وعلى الرغم من تصميم الايرانيين على أن يتم تقسيم المجموعات واختيار المدن بنظام القرعة، إلا أننى قررت عدم الرضوخ لنظام القرعة، أن يكون فى مجموعتى الزملاء "عبدالفتاح عبدالمنعم رئيس التحرير التنفيذى لليوم السابع، والزميل خليفة جاب الله مدير تحرير المصرى اليوم" وأن تكون وجهتنا مدينة الأهواز التى تتمتع بأغلبية عرقية عربية.

 

وبالفعل وامام اصرارنا رضخ الجميع لارادتنا، وانطلقت بنا السيارة إلى مطار "مهر اباد" بالعاصمة طهران، وسط أجواء باردة للغاية وعواصف وأمطار تسيطر على أجواء كافة المدن الايرانية. وقبل الدخول لإنهاء إجراءات سفر الرحلة الداخلية، فوجئنا بالمطار مزدحما للغاية، غير أن حركة المسافرين كان يغلب عليها الالتزام والهدوء، إلا انه فجأة انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، وتحول هذا الإلتزام داخل صالة السفر الداخلى إلى فوضى وزحام غير طبيعى من آلاف المسافرين حول رجل لم نعرف من هو..

 

 إلا أن الجميع كانوا يحاولون بشتى الطرق الفوز بصور تذكارية معه، لدرجة أن كل من كان يتمكن من التقاط صورة مع الرجل كان يقوم بفتحها فى سعادة ليتأكد من وجودها على الهاتف. فالتتفت إلى عبدالفتاح وسألته: مين دا يا عبد الفتاح؟ فقال: ولا عمرى شفته. قلت: شفته الراجل دا قبل كدة يا خليفة؟ قال: ولا فى التليفزيون.

 

فاستدعيت المرافق الإيرانى الذى كان بصحبتنا، والذى كان أيضا مشغول بالمشهد، ويتأهب لالتقاط صورة مع الرجل، وسألته، من يكون ذلك الرجل؟ فأجاب: معقول لا تعرفونه، إنه "سلارى عقيلى" أحد أشهر مطربى إيران على الإطلاق، ويتمتع هنا بجماهيرية طاغية، وسيكون معكم على نفس الطائرة هو وفرقته، وسيحيى حفلا في الأهواز بمناسبة عيد الثورة.

 

مزحة لطيفة

 

وظللنا نتابع الرجل ومدى اعجاب الايرانيين به خارج وداخل صالة الانتظار لفترة طويلة، حتى صعدنا إلى الطائرة، التى ظللنا بداخلها أكثر من 90 دقيقة، واضطرت سلطات المطار إلى انزالنا إلى صالة الانتظار مرة أخرى حتى تتحسن الأحوال الجوية.

 

وفور نزولنا بدأ الزحام مرة أخرى حول سلارى عقيلى، ولكن هذه المرة من العاملين بالمطار، وشيئا فشيىء بدأ الزحام يخف من حوله، وهو يقف فى زهو وعظمة وسط صالة السفر. فقلت لـ عبدالفتاح وخليفة: ما تيجوا نشوف حكاية النجم دا إيه؟.. وبالفعل قمنا وذهبنا إليه، وعرفته بنفسى ومن معى بالانجليزية، وقلت له: إننا صحفيين مصريين في زيارة عمل لإيران، وإننا نحبه ونعرفه كثيرا.

 

المطرب الإيرانى اندهش وفرح فرحا شديدا، وسألنا فى فرح: انتوا تعرفونى بالفعل؟ فقلت له: نعم، ونتابع أعمالك بشغف. الرجل كاد أن يطير فرحا، وصاح بصوت عالي: اووو جودد، وفسألته، هل تعرف أى من المطربين العرب؟ فأجاب مبتسما: نعم. قلت: اتعرف ام كلثوم؟ قال: أووو ام كلثوم. قلت: وهل تعرف عبدالوهاب؟ قال: اوو ابدالوهاب. قلت: وعبدالحليم  حافظ؟ قال: اووو ابدالهليم.

 

ولآن إجابات الرجل كان سريعة ودون تفكير، استشعرت أنها تحوى نوعا من المجاملة، وأنه لا يعرف أى من الأسماء التى سألته عنها، فقلت له بسرعة: وهل تعرف المطرب الشهير صبرى الديب؟ فقال: اووو صبرى الديب. وهنا دخلت أنا وعبدالفتاح وخليفة فى موجة من الضحك الهستيرى، لفت انظار كل من فى المطار، والمطرب الإيرانى ينظر إلينا فى دهشة، وهو لا يفهم السبب أو لماذا نضحك، إلا أن عبدالفتاح قال له ضاحكا وهو يشير إلى: هذا هو صبرى الديب.

 

فنظر المطرب الإيرانى إلى ودخل هو الآخر فى موجة ضحك هستيرى وهو يحتضننى، بعد أن أدرك إننا لم نقل له كلمة واحدة صحيحة، وإنه أيضا لم يقل لنا كلمة واحدة صحيحة، وليس على لسانه وهو يضحك سوى كلمة: يو صبرى الديب، يو صبرى الديب.

 

 

وصافحنا الرجل وتركناه لمعجبيه، ونحن نضحك، إلا إنه ظل طوال وجودنا بالمطار ينظر إلينا وينفجر بالضحك كلما تذكر الموقف، ويترك معجبيه ويأتى إلينا، إلى أن أبلغتنا سلطات المطار بإلغاء الرحلة لسوء الأحوال الجوية، وخرجنا جميعا من المطار والرجل يشير إلينا وهو يضحك. عيد سعيد، وكل عام وحضراتكم جميعا بألف خير

الجريدة الرسمية