رئيس التحرير
عصام كامل

الحج على نفقة الغير!

أمس كان يومًا عظيمًا حيث صعد الحجيج إلى عرفات الله ليؤدوا ركن الحج الأعظم.. جاءوا من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم وليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.. جاءوا ليأتلفوا جميعًا في مؤتمر هو الأعظم في العالم كله، جاءوا بزي واحد لأداء شعائر واحدة في وقت واحد وغاية واحدة.. وهنا تتجلى أعظم صور الوحدة والمساواة والروحانيات بين البشر فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. 

 

عبادة جامعة


الحج عبادة جامعة؛ فيه صلاة وصلة وإنفاق وبذل في سبيل الله وفيه تضحية وتزكية للنفس والوجدان وتطهير للروح رغم مشقة الأبدان.. وفيه موعظة للأغنياء والفقراء والحكام والمحكومين على السواء.. وتلك قمة المساواة بين البشر في أبهى وأجل صورها.. ويكفي أن من يحج مخلصًا يعود منه كيوم ولدته أمه؛ والحج فريضة تجب على المسلم المكلف مرة واحدة في العمر إذا اجتمع له شرطا الاستطاعة البدنية والمالية؛ فإذا تخلف أحدهما مع وجود نية صادقة من صاحبها نال ثواب الفريضة.. ومن فضل الله على عباده أن كشف عنهم غمة كورونا؛ وهو ما دعا  المملكة السعودية للسماح بأداء الحج لمليون مسلم دون ال65 عامًا من دول شتى هذا العام مع تشديد الإجراءات الاحترازية والوقائية خلال أداء المناسك حفاظًا على صحتهم ودرءًا لأي مفاسد.

 


ومن نافلة القول إن نصيب مصر من تأشيرات الحج هذا العام كان 20 ألف تأشيرة ذهبت فقط لمن لم يسبق لهم أداء الفريضة من قبل بالإضافة إلى عدد من الأفراد يسعون بالوساطة والنفوذ للحصول على تأشيرة والسفر على نفقة جهة أخرى تتحمل مصاريف السفر والإقامة وغيرهما.. هكذا مازال يوجد بيننا من يسعى لتكرار الحج والعمرة مرارًا بالطريقة ذاتها.. فهل ذلك من مكفرات الذنوب وغفران الخطايا التي دأب البعض على ارتكابها طيلة العام أطمئنانًا إلى أنه سيذهب للحج والعمرة ليتطهر بهما من ذنوبه ويعود من هما كيوم ولدته أمه.. هل هذه هي روح الشريعة الحقة.. أم أن ذلك افتئات على الحق وخداع للنفس وسلب للحق المعلوم الذي جعله الله حقًا للفقراء والمحتاجين في أموال القادرين؟!
اليوم عيد وكل عام وأنت بخير

الجريدة الرسمية