فريدة فهمي.. المثقفة التي طافت مصر لتسطر تاريخ فرقة رضا.. وقرار عبد الناصر قضى على حلمها
نجحت فرقة رضا من أول رقصة، أدرك الجمهور أنه أمام فرقة استعراضية حقيقية تقدم فنا بلا إثارة، ورقصا بلا خلاعة، وكانت الراقصة فريدة فهمى ـ ولدت في مثل هذا اليوم 29 يونيو 1940 ـ هي نجمة الفرقة وبطلتها وكانت من أسباب نجاح الفرقة التي صدر قرار الرئيس جمال عبد الناصر بضمها إلى وزارة الثقافة.
راقصة استعراضية وممثلة رشيقة ظهر نجمها في الستينات، تحمل درجة الليسانس فى الأدب الإنجليزي، وحصلت على الدكتوراة في الرقص الإيقاعى من الولايات المتحدة، هى الراقصة المثقفة فريدة فهمى الراقصة الأولى فى فرقة رضا للفنون الشعبية.
الشخصية القوية
تدين فريدة فهمى التي بدأت الرقص وهى في الثامنة عشرة بنجاحها إلى والدها الدكتور حسن فهمى الأستاذ بكلية الهندسة وهى تحكى عن فضله عليها وتقول: الأسرة جميعها كانت تبحث عن النجاح فأبى هو الرجل العظيم وكانت أمى إنجليزية الأصل وأختى لديدة كانت تكبرنى بست سنوات تزوجت من محمود رضا وماتت وهى فى العشرينيات من عمرها وكان والدى هو مدرسة الحياة بالنسبة لنا، يعطينا يوميا محاضرات فى كل شيء فى التاريخ والعلم والأخلاق والسلوك، وتلك الطريقة فى التربية هى التى شكلت شخصيتى القوية المستقلة، قراراتي من دماغي لاقتناع والدى بأنى أفكر بطريقة سليمة، حتى إنى قررت أن يكون زفافى على علي رضا بدون فرح أو زفة أو نجوم أو كوشة، لكن كان والدى هو الأب الروحى للفرقة بأكملها ليس لى وحدى، حمانا ورعانا وشجعنا ودعمنا، وكنت أراه كالنسر المحلق الذى يأخذنا تحت جناحيه.
في البداية كانت المهمة جمع الرقصات الشعبية وطاف محمود رضا البلاد من الدلتا إلى مرسى مطروح وحمل معه كاميرا متواضعة وجهاز تسجيل يسجل فولكلور الرقص المصرى.
تقول فريدة فهمى: ذهبنا إلى قبائل أولاد علي وطلبنا أن نحضر حفل زفاف لنرى رقصاتهم على الطبيعة وأخذنا منها رقصة الحجالة، ومن الصعيد أخذنا رقصة التحطيب ومن الشرقية أخذنا أغنية العتبة جزاز وأعطاها على إسماعيل لزوجته الشاعرة نبيلة قنديل التي صاغت الأغنية وضبط وزنها وإيقاعها، ومن سيوة أخذنا الصقفة التي تعتمد على الحركة بدون موسيقى.
قدمت فريدة فهمى أول عرض راقص مع فرقة رضا "أوبريت وفاء النيل"، أما العرض الثانى فكان "رنة خلخال" لتتوالى بعد ذلك الاستعراضات الناجحة.
هواية الرقص
تقول فريدة فهمى: حين اتجهت إلى الرقص الاستعراضى وأنا طالبة بالجامعة شجعنى والدى على هوايتى فى ممارسة الرقص وعندما تمت خطبتى إلى علي رضا وكان يعمل مساعد مخرج ويلتقى بالنجوم وله صداقات واسعة بالوسط الفنى، ورشحنى المخرج فطين عبد الوهاب لأفلام متعددة حصلت على البطولة مع إسماعيل يس فى فيلم "إسماعيل يس بوليس حربى"، ومع فريد شوقى وهند رستم فى فيلم "الأخ الكبير"، وفى عام 1958 مع ماجدة فى فيلم جميلة بوحريد للمخرج يوسف شاهين، وفى فيلم "غريبة" مع نجاة الصغيرة، وبعد نجاح الفرقة واشتهارها قدمت أفلام: غرام في الكرنك، ساحر النساء، حرامى الورقة، أسياد وعبيد، إجازة نصف السنة.
وأضافت: كان الانضباط ثم الانضباط كما تقول فريدة فهمى هو سر نجاح الفرقة ويأتي بعده الإيمان بالفرقة، كنا مؤمنين بالفكرة وبعضنا البعض وكان كل منا يؤدى دوره بإخلاص شديد، نعم كنت نجمة الفرقة وراقصتها الأولى لكنى لم أكن أستطيع أن أتدخل في تصميم رقصة أو موسيقاها في وجود عملاقين كمحمود رضا وعلي إسماعيل، فلم يجرؤ أحد على فتح فمه في وجودهما الرهيب لكن بينى وبينهما كيمياء فنية لافتة أفهمهما بالإشارة وبحركة العين، وكان علي إسماعيل هو عصانا الموسيقية التي توجهنى وتضعنى في الحالة النفسية للرقصة، وأضيف أنا إليها إحساسى والالتزام بالرقصة، وبالطبع كنت مؤمنة بكفاءة زوجى علي رضا في الإخراج.
تأميم واعتزال
اعتزلت فريدة فهمى الرقص بعد تأميم الفرقة وتدخلات وزارة الثقافة وخروج محمود رضا القاسي من الفرقة، ورحيل مخرج الفرقة علي رضا.