فزع اقتصادى!
حافظ على فلوسك! لا تقدم على الشراء الآن! اقتصد في إنفاقك! هذه عينة من النصائح المقدمة للمواطنين التي انتقلت من مواقع التواصل الاجتماعى من قبل شخصيات مجهولة إلى بعض الفضائيات لتقدمها شخصيات إعلامية معروفة.. والمبرر كما يقولون ويرددون هو إننا مقبلون على أيام لا يعلم بها إلا ربنا.. أى أيام صعبة اقتصاديا جدا ولا يعرف أحد متى تنتهى، أو متى تنفرج هذه الأزمة الاقتصادية!
والغريب أن هؤلاء غير المتخصصين في الاقتصاد وهم يرددون ذلك إنما يثيرون فزع عموم الناس اقتصاديا الآن، وهم لا يدركون إن ذلك هو أسوأ شيء يمكن أن يتعرض له اقتصاد مهما كانت قوته وقدراته، أما إذا كانوا يدركون فإن المصيبة بالطبع أعظم!
نعم جميع المصريين يعرفون أننا نمر بأزمةَ اقتصادية شديدة يشاركنا فيها كل العالم، وأن هذه الأزمةَ تهدد عالمنا الآن بركود تضخمي.. أى ركود مصحوب بتضخم لا يتوقف.. وهذه الأزمة التي ليس معروفا على وجه اليقين متى تنفرج أو تنتهى تأثر بها بالقطع الأغلب الأعم من المصريين، وكان نصيب أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة من هذه الآثار والتداعيات هو الأكبر بالطبع.. ولذلك لا يصح أن نثير فزع هؤلاء بنصائح تأتى من غير المتخصصين في الاقتصاد.. أما إذا كنا نرغب في مساعدتهم حقا فإن ذلك يكون بطرح سبل وطرق شتى لدعمهم إبان هذه الأزمة.
إن ترويع المواطنين وإثارة فزعهم لا يساعد في تجاوز هذه الأزمة الاقتصادية، بل إنه يطيل أمدها ويعطل جهود احتواءها وإيجاد حلول لها.. ومجاراة بعض مواقع التواصل الاجتماعى من قبل بعض المذيعين والمذيعات خطأ جسيم، إعلاميا وسياسيا.. فهم ليسوا بخبراء في الاقتصاد حتى وإن كان بعضهم يتابع الشأن الاقتصادى، أو كان البعض الآخر منهم له استثماراته الخاصة في عالم المال.. أما إذا كانوا يستهدفون بنصائحهم هذه رجال الأعمال وليس عموم المواطنين فالخطأ يتضاعف هنا، لإننا في وقت نحن في أشد الحاجة للاستثمارات الآن.