رئيس التحرير
عصام كامل

قرارات حكومية جديدة لضبط إيقاع قطاع العقارات

لا شك أن سوق العقارات تعاني معاناة كبيرة في مناح كثيرة، لكن من أهم هذه المناحي أن يقدم المشتري كل ما يطلبه البائع أو المطور العقاري أو شركة المقاولات العقارية وينتظر أن يتسلم وحدته، لكن انتظاره يطول وقد يمتد لسنوات طويلة؛ مما يجعل المشتري يحبط والمقبل على الشراء يحجم، والأموال تخسر وتقل قيمتها، هذا بالنسبة للشركة الملتزمة وليست الشركة الوهمية أو شركات النصب، فأحيانا تتأخر الشركة الملتزمة في التسليم لأسباب كثيرة منها بيروقراطية الجهات الحكومية المتعاملة مع الشركة، أو هزة الأسعار الخ..

 

وأحيانا يكون تأخير التنفيذ مقبولًا نتيجة ظروف اقتصادية، لكن التأخير بـ 4 سنوات وبطء التنفيذ يحدث ضياع لحقوق العملاء خاصة الراغبين في السكن، وأحيانا يتسلم المشتري وحدته غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها؛ لذا نجد آلاف الشكاوى من هذا الموضوع مما كان يستلزم تدخل الحكومة بإجراءات ملزمة تمنع تلك المشكلة أو تحلها من جذورها وقد تأخر ذلك كثيرا.

ضوابط البيع


وأخيرا أصدر مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ضوابط بيع وحدات مشروعات التطوير العقاري، وتضمنت خضوع كل مرحلة من مراحل المشروع العقاري لموافقة وزارة الإسكان قبل الشروع في عملية البيع من المرحلة التالية، وأن يودع المطور رأس المال المطلوب لتمويل مرحلة المشروع بالحساب البنكي الخاص بالمشروع والالتزام بالجدول الزمني المعتمد. وهذه الضوابط التي وضعتها الحكومة كانت ضرورية والحكومة لا تتدخل لكنها تضع ضوابط للسوق بهدف تنظيمه.

 

والسوق العقارية في هذا الوقت كانت في حاجة لدور الدولة التنظيمي والرقابي، ولا يمكن اعتبار هذا تدخلا لعرقلة المنظومة أو الحد من المنافسة، مثلها مثل قوانين المرور، في القطاع العقاري هناك طرفين البائع والمشتري في حال وجود خلاف أو مشكلات لا بد من ظهور دور المنظم لتنظيم العملية.


ويرى بعض الخبراء أن قرار الحكومة تأخر لأن السوق العقاري يعاني من ركود بسبب عدم الثقة بين المطورين والعملاء وهو ما أدى لوجود فجوة بين العرض والطلب على العقارات، لذلك لابد من إشراف الحكومة على أعمال المطورين. فنجد أن فتح حساب بنكي للمشروع والصيانة ومستوى السيولة، هذه قرارات تساعد المستهلكين على بناء ثقة في القرار، الضوابط الجديدة تعطي ثقة للمستهلكين بأنه هناك من يمكنهم اللجوء إليه في حال لم يحصل على وحدته في الوقت والكيفية المحددين. 

 

ولا شك أن الحكومة مستفيدة أيضا من تطبيق هذه الضوابط، لأن الإسراع والالتزام في تنفيذ المشروعات يحفز مزيد من الشركات على الاستثمار في القطاع العقاري ويسرع عملية التنمية ويزيد من وتيرة المشروعات التنموية، وهو أمر يعود على الاقتصاد ككل.


لكن المطورون العقاريون الذين لا يلتزمون بمواعيد وكفاءة التسليم سيتضرران من القواعد الجديدة، والقرار سيجعل المطور الجاد يحصل على حقه ويمكنه التوسع بوجود طلب حقيقي غير محجوز في مشروعات غير مكتملة، لأن المطور غير الجاد يسحب السيولة من السوق. والضوابط الجديدة، ستتيح للمطورين الملتزمين بالجدول الزمني للتسليم الاستفادة من طلب المستهلكين على العقارات والذين يمكنهم الحصول على التمويل الممنوح بالمبادرات الحكومية للقطاع مثل التمويل العقاري. 

تنظيف السوق

 

والمتوقع أن بناء جسور ثقة بين العملاء والمطورين، وشعور المستهلك بأن الدولة ستدعمه للحصول على حقه، سيحفز الطلب على العقارات، خاصة وأن الطلب حقيقي. والسوق العقاري سيتحرك بشكل أسرع، ويُتوقع ارتفاع الطلب على العقارات خاصة مع التسهيلات الحكومية، واستعداد الفئة الأكثر احتياجا وهي الفئة العمرية الشبابية للحصول على تمويل من أجل وحدة مضمونة التسليم. 

 

وعملية تنظيف السوق ستساعد العميل والدولة والمطورين لتقديم مبادرات على مشروعات تحت الإنشاء، كما أن وجود الضوابط يدعم تصدير العقارات، لأن الراغب في الاستثمار في العقار سيرى أن استثماره محمي وآمن ما يدعم جاذبية القطاع وكل هذا سيحسن الطلب على الشراء.


ومن المستبعد أن تساهم الضوابط الجديدة بشكل مباشر في ارتفاع الأسعار، لكنه يمكن أن تغير الشركات أنظمة السداد للوحدات السكنية. فالأسعار لديها ضغوط تضخم حاليا، لن يؤثر القرار على الأسعار بشكل مباشر، لأنها تتأثر بشكل أسرع بأسعار مواد البناء. ومن المعروف أنه ارتفعت أسعار العقارات منذ بداية العام الجاري بمتوسط بين 10-20% بسبب الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار مواد البناء ومدخلات الإنتاج. 

 

 

ومع حاجة الشركات للسيولة قد يعود المطورون مرة أخرى لسياسة دفع المقدم ومد الأقساط بمعنى أن يرفع قيمة المقدم وزيادة مدة التقسيط. وفي هذه الحالة، فإن زيادة مدة سداد الأقساط وبالتالي ارتفاع تكلفة الفائدة ستكون سبب غير مباشر لرفع تكلفة الشراء بسبب الضغط على التمويل المبدئي للمطورين العقاريين إضافة لتكلفة الأرض والمرافق. 

وبشكل عام لا يتوقع أن ترتفع مبيعات العقارات خلال العام الجاري بنفس قدرة الانتعاش في العام الماضي، نتيجة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة التي تعد استثمار بديل للعقار. وقد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 1% في مارس ثم رفعها مرة أخرى في مايو 2% لمواجهة التضخم المرتفع، خاصة مع إعلان الفيدرالي الأمريكي زيادة أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام.

الجريدة الرسمية