التسامح والمواطنة.. مكاسب بالجملة من إصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس
كان الحديث عن المواطنة قديمًا من الرفاهية عند البعض، لا سيما أن الكثير من الأوضاع على الأرض كانت توحي بعكس ذلك تمامًا، لكن جاء قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس ليعطي دفعة كبرى لثقافة التسامح والمواطنة بعد أن تسيدت لفترات طويلة قيم الإسلام السياسي ونظرته المتطرفة تجاه الآخر.
عن بناء وترميم الكنائس
وليس خفيًّا على أحد حجم المعاناة التي كان يعيشها المصريون المسيحيون قديما بسبب الكنائس، والروتين والبروقراطية والتلكؤ في إصدار تراخيص بنائها وترميمها، للدرجة التي وضعت ما يقرب من نصف الكنائس المصرية خارج إطار التوثيق القانوني بحسب الكثير من المصادر الدينية المسيحية.
وحتى عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، كان الحصول على ترخيص بناء كنيسة يحتاج إلى قرار رئاسي، بسبب عدم وجود قانون ينظم هذه العملية يضمن حالة من العدالة والتكافؤ، ما تسبب في الكثير من المشكلات وتعطيل بناء الكنائس في جميع المحافظات، وتحويل المنازل لأماكن للتعبد وأداء الطقوس الدينية، وكذلك المباني المخصصة للأنشطة المسرحية والمجتمعية.
وألغى قانون بناء لكنائس الجديد كل هذه الثغرات القديمة، في عملية الحصول على التراخيص الرسمية المطلوبة لبناء الكنائس التي كانت تستغرق سنوات في بعض الأحيان، حيث تضمنت بنوده مدة وآليات الرد القانوني على طلبات إنشاء كنائس جديدة أو إعادة بناء القائمة، والتي لاتزيد مدتها عن أربعة أشهر من تاريخ الطلب.
ويحسب هذا الإنجاز إلى ثورة 30 يونيو 2013، فبعد القضاء على التطرف الديني، ألزم دستور 2014 في مادته 235 البرلمان المصري بعد انعقاده فورا بإصدار قانون ينظم بناء وترميم الكنائس بما يضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية.
الطوائف المسيحية وحرية الإيمان
وترك المشرع حرية كبيرة للطوائف المسيحية الثلاث في مصر، الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية للتوصل إلى اتفاق بشأن وضع البنود المناسبة لهم، وإحالته مرة أخرى إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه بجانب إحالته إلى إدارة التشريع بمجلس الدولة قبل إحالته مرة أخرى إلى البرلمان لإصداره بشكل نهائي.
بعد عامين صدر القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس وملحقاتها في 28 سبتمبر 2016، وسط ترحيب كبير من قطاعات كبيرة في المجتمع، مسئولي الدولة وأعضاء مجلس النواب وقطاعٍ من القيادات الدينية المسيحية، إذ ينهي القانون الجديد أغلب المشكلات القائمة منذ عدة عهود والتي كانت ترتبط بالصعوبات التي تواجهها عملية بناء وترميم الكنائس.
تقنين 1500 كنيسة
وجرى تقنين أوضاع نحو 1500 كنيسة على مدى 4 سنوات بحسب تصريح لقداسة البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس مؤكدا أنه إنجاز جيد جدًا، فالدولة تريد أن تصل إلى اعتبار بناء الجامع والكنيسة من الأمور الطبيعية في حياتنا"، وأوضح البابا أن طلب إنشاء الكنائس أصبح يُقدم الطلب للمحافظ، ويكون هو صاحب السلطة وليس رئيس الجمهورية.
كنائس المدن الجديدة
يرى البابا تواضروس الثاني، أن المدن الجديدة تُبنى فيها الكنائس بشكل تلقائي، لافتا إلى حرص الدولة على توفير أماكن للعبادة للجميع، مؤكدا أن قانون بناء الكنائس يعتبر قفزة كبيرة، وإصلاح لمسيرة المجتمع، وأمر مشكور للحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي.