زي النهاردة.. قتل الخليفة عثمان بن عفان واشتعال فتنة كبرى بين المسلمين
في مثل هذا اليوم من عام 656، اغتيل الخليفة عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين في منزله، بعد أن تولى الخلافة الإسلامية لمدة اثنتي عشرة سنة خلالها ظهرت أحداث الفتنة التي أدت إلى اغتياله في يوم الجمعة الموافق 12 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره اثنتان وثمانون سنة، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة.
عن نشأته وحياته
ولد عثمان بن عفان في الطائف وقيل في مكة المكرمة سنة 576 م بعد عام الفيل بـ 6 سنوات سنين، وكان عثمان غنيًا شريفًا في الجاهلية، ومن أحكم قريش عقلًا وأفضلهم رأيًا، كما كان محبوبًا من قبلهم.
لم يسجد عثمان لأي صنم طوال حياته، كما لم يشرب الخمر لا في الجاهلية ولا في الإسلام، كما أنه قد كان على علم بمعارف العرب في الجاهلية من الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، وقد رحل إلى الشام والحبشة، وعاشر أقوامًا غير العرب فعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره من قومه.
اهتم بالتجارة التي ورثها عن والده، ونمت ثرواته، وأصبح من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش كلها، فكان كريمًا جوادًا وقد نال مكانة مرموقة في قومه وكا يعرف في الجاهلية بأبا عمرو، ولما جاء له عبد الله من رقية بنت النبي محمد، كناه المسلمون أبا عبد الله. وكان عثمان يلقب بذي النورين لزواجه من رقية ومن ثم أم كلثوم بنتي النبي محمد.
عن إسلامه
أسلم عثمان بن عفان حينما كان في الرابعة والثلاثين من عمره، حين دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام ولبي الدعوة وكان بذلك من السابقين الأولين بعد أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة، رابع من أسلم من الرجال.
كان الصحابة قد قابلوا أنواع التعذيب من قبل كفار قريش، ومن ضمنهم عثمان إذ عُذب من قِبل عمه الحكم ابن أبي العاص بن أمية الذي أخذه فأوثقه رباطًا وقال: «أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث؟ والله لا أحلُّك أبدا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين»، فقال عثمان: «والله لا أدعه أبدًا ولا أفارقه». فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه.
تولي الخلافة
لما تولى عثمان الخلافة لم يغير من سياسة عمر المالية، وإن كان قد سمح للمسلمين باقتناء الثروات وتشييد القصور وامتلاك المساحات الكبيرة من الأراضي.
في عهده انتشر الإسلام في بلاد كبيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قراءات متعددة وانتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من اختلاف كتابة القرآن وتغير لهجته، فجمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب.
فتحت العديد من البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية في أيام خلافته أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص، وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين.
مقتل الخليفة
بدأت أحداث الفتنة في النصف الثاني من ولايته بسبب الرخاء وأثره في المجتمع، وطبيعة التحول الاجتماعي وظهور جيل جديد غير جيل الصحابة، بالإضافة إلى الشائعات والعصبية الجاهلية.
وعندما اشتد أمر أهل الفتنة وتهديدهم للخليفة بالقتل تحرك الصحابة لردهم وقتالهم وهو ما رفضه عثمان وأمر بألا يرفع أحد السيف للدفاع عنه، وأن لا يُقتل أحد بسببه، فقد كان يعلم بأنهم لا يريدون أحد غيره، ولعلمه بأن هذه الفتنة فيها قتله.
هاجم المتمردون دار عثمان وأصيب ذلك اليوم أربعة من شبان قريش وقتل منهم أربعة، ثم هجموا على عثمان بن عفان فقتلوه، وهو يقرأ في المصحف فانتضح الدم على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (سورة البقرة، الآية: 137).
كان ذلك في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره اثنتان وثمانون سنة، ودفن ليلة السبت بين المغرب والعشاء في حش كوكب الذي كان قد اشتراه ووسع به البقيع.