ليلة بكت فيها المنوفية.. سيد حاول إنقاذ شقيقه من الغرق فلحق به | صور
حداد بلا تنكيس للأعلام، وحزن لاح فى الأفق قبل أن يسكن قلوب الجميع، ودموع ما زالت تنهمر ولا أحد يعلم متى ستتوقف، سر أينما تحب وارتحل أينما شئت لن تجد فى تلك القرية المنكوبة سوى وجوهًا عبثت الحسرة بملامحها وترك عليها الألم إثارة.
نيل ذات وجهان أحدهما شريان للحياة والأخر هو السبيل لفقدها، تصعد من أعماقه أرواح لشباب بلد هى له الهبة منذ أن بدأ سريانه متحديًا الهضاب والجبال ومتخطيا لكل الحدود ليرسو في أحضانها ناهيًا رحلته.
الإثنين الماضى احتفلت المنوفية بعيدها القومى لكنه هذا العام كان مختلفًا عن سابقيه بشكل كبير، ففى قرية مناوهلة إحدى قرى مركز الباجور كان الصراخ يزلزل كل الأرجاء ويملأ بلا تمييز كافة الأنحاء.
إبراهيم أحمد كامل لم يتجاوز العاشرة من عمره رافق والدته أثناء غسل الأوانى فى مياه النيل المار بالقرية كعادة قاطنى تلك البلدة لكنه قرر أن يسبح فى المياه قليلًا حتى تنتهى والدته ثم يخرج ليعود معها.
المياه تسير بسرعة لم يستطع إبراهيم أن يواجهها وبدأ يختفى داخل النيل قبل أن تصرخ والدته ويسمعها نجلها الأكبر سيد ويقرر فورًا النزول فى المياه وإنقاذ شقيقه لكنه بدأ يختفى هو الآخر ومازالت أمهما على الشاطئ تراقبهما تارة وتصرخ طالبة النجدة تارة أخرى.
ثوان معدودة واختفى الشقيقان قبل أن يقرر بعض الشباب النزول فى المياه ومحاولة البحث عنهما وإنقاذهما لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل وأصبح مؤكدًا غرقهما فى البحر فى ان واحد.
أُبلغ مركز شرطة الباجور بما حدث ليستعين بفرق الإنقاذ النهرى سريعًا فى محاولة أخرى للبحث عن الشقيقان ورغم أن الشمس قد غاب ضوئها وباتت الرؤية منعدمة فى المياه إلا أن فرق الإنقاذ حاولت إيجادهما دون نتيجة.
لملمت الفرق معداتها وخرجت من المياه على أن يعاودوا البحث فى الصباح لكن صيادوا البلدة لم يغادروا وبحثوا فى طول البحر وعرضه فى محاولات مضنية لإيجاد الشقيقان لكنها أيضًا كانت دون جدوى.
عاودت فرق الإنقاذ النهرى البحث فى صباح الثلاثاء وعثروا على جثة الشقيق الأصغر إبراهيم بالقرب من كوبرى قرية كوم الضبع وجرى نقله للوحدة الصحية وتعالت الأصوات بالانتظار ريثما يجدوا شقيقه الآخر ويدفنا معا.
طال الوقت قليلًا ولم يتم العثور على الشقيق المفقود لتقرر الأسرة الإنتهاء من التصاريح اللازمة لدفن إبراهيم وتم تشييع جنازته وسط حالة حزن كبيرة سيطرت على المشيعين من أهالى قرية مناوهلة.
لم يشأ القدر أن يغيب سيد عن شقيقه الأصغر فى ليلته الأولى داخل القبر بعد أن تم العثور على جثته فى العاشرة مساءً بالقرب من قرية شنوان ليجاور شقيقه دون تأخير لتتلاقى الأرواح مرة أخرى لكن فى العالم الآخر.