حيثيات حكم جنايات الإسكندرية في قضية مقتل القمص أرسانيوس وديد
أعلنت محكمة جنايات الإسكندرية برئاسة المستشار وحيد صبري عبد المنعم، حيثيات الحكم بالإعدام على "نهرو عبد المنعم في القضية رقم 7429 لسنة 2022 جنايات أول المنتزه، والمقيدة برقم 343 لسنة 2022 نيابات المنتزه، والمتهم فيها بقتل القمص أرسانيوس وديد، علي كورنيش منطقة سيدي بشر شرق الإسكندرية، والمعروفة إعلاميا بقضية قتل كاهن الإسكندرية لتؤكد ارتكاب المتهم للواقعة عن عمد.
وجاء في حيثيات الحكم أن المتهم قتل عمدًا المجني عليه " أرسانيوس وديد رزق الله "وبالميلاد "رزق وديد رزق الله بطرس" عن سبق إصرار ترصد له بأن طعنه في عنقه بسلاح أبيض - سكين - كانت بيده قاصدًا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك تنفيذًا لغرض إرهابي هو تعريض سلامة المجتمع وآمنه للخطر والإضرار بالوحدة الوطنية وإلقاء الرعب بين جمع من الناس وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأشارت إلى أن المتهم أطلق العنان للشيطان ليقوده إلى طريق الشر وارتكاب جريمة نكراء وكبيرة من أكبر الكبائر في الفساد في الأرض بل هي من أعظم الإفساد والكبائر والجرائم وهي قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
وأكدت المحكمة أن تقرير المجلس الإقليمي للصحة النفسية أثبت أن المتهم لا يعاني من أيه أعراض لأي اضطراب عقلي أو نفسي في الوقت الحالي أو وقت ارتكابه الواقعة محل الاتهام يفقده أو ينقصه القدرة على الإدراك والاختيار وسلامه الإرادة والتميز والحكم الصائب على الأمور ومعرفة الخطأ من الصواب ما يجعله مسؤولا عن الاتهام المسند إليه.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم، أنه بعد سماع أمر الإحالة وطلبات النيابة العامة وأقوال المتهم وشهادة من شهد والمحامي معه والاطلاع على أوراق القضية ثبت لهيئة المحكمة أن المتهم خالف كل معاني الإنسانية والرحمة وتفشي القسوة والوحشية وتدني الأخلاق والمبادئ والقيم الإنسانية السامية والكريمة التي أتت بها جميع الشرائع والرسالات السماوية السمحاء.
وجاء في الحيثيات أنه في ليلة السادس من شهر رمضان المبارك عام 1443 هـ الساعة الثامنة مساءً والمسلمون يسعون إلى ذكر الله ويتضرعون إليه ويقيمون شعائر صلاة القيام " التراويح " وتزينت المساجد بأصوات قراء القرآن وهم يتلون كتاب الله إذ تدق أجراس الكنائس بمحافظة الإسكندرية لتعلن عن نبأ حزين لأهالي هذه المدينة بقتل نفسا زكية أنه المجني عليه القس "أرسانيوس وديد رزق الله" كاهن كنيسة السيدة العذراء والقديس بولس الرسول بمنطقة کرموز على يد غادر.
وبحسب الحيثيات استقام الدليل على صحة الواقعة وثبوتها على النحو سالف البيان في حق المتهم من شهادة كل من وديعة شكري فرج عوض وآخرين أنه عند خروجهم من شاطئ إيناس حقي الساعة الثامنة مساء للعودة لاستقلال السيارات التي كانت في انتظارهم أمام الشاطئ وكان المجني عليه يقوم بالإشراف على ركوبهم فوجئت بالمتهم يتجه صوب المجني عليه حاملا سكين في يده وغافله وقفز عليه وطعنه في رقبته من الناحية اليمني، مرددا "الله أكبر.. الحمد لله".
وأضاف الشهود أن المتهم حاول إكمال التعدي على المجني عليه لولا قيامهم بالإمساك بيده وطرحه أرضا وتمكنت وبمساعدة الشبان من الإمساك به وانتزاع السكين من يده وتم نقل المجني عليه لمستشفى مصطفي كامل العسكري.
وأكدت أن المتهم قصد إزهاق روح المجني عليه بغرض تعريض سلامة المجتمع ومصالحة وأمنه للخطر والإضرار بالوحدة الوطنية بطعنه أعلى يمين العنق وبما أدت إليه من قطوع بالأوعية الدموية الرئيسية بأعلى يمين العنق وما صاحب ذلك من نزيف دموي غزير وصدمه نزفية غير مرتجعه على نحو ما أفصح عنه تقرير الطب الشرعي وفاضت روحه إلى بارئها.
واطمأنت المحكمة اطمئنانًا كاملًا لما حملته الأوراق من أدلة جاءت قاطعة الدلالة على توافر نية قتل المجني عليه ثابتة بجلاء لا شبهه فيه من أقوال الشهود والمؤيدة بتقرير الصفة التشريحية والمعززة بتحريات الشرطة وأقوال مجريها وتقرير قسم الأدلة الجنائية وتقرير المجلس الإقليمي للصحة النفسية ومحضر معاينة مسرح الجريمة ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي بمعرفة النيابة العامة وإقرار المتهم وأقوال أهليته ومحضر عرض النيابة العامة.
واتضح للمحكمة أن صفه القتل متغلغلة في نفس المتهم بجلاء لا شبهه فيه تموج في جوانحه معقودة برسوخ فيها وتوفرت لديه من ظروف الدعوي والأدلة على النحو سالف البيان، بعدما أبصر المجني عليه وهو يرتدي زي رجال الدين المسيحي، وااستعمل في قتل المجني عليه " سكين " وهو سلاح قاتل بطبيعته واختياره طعن المجني عليه في مقتل " رقبته "، ومحاولة موالاة التعدي عليه وهذه الأمور جميعها في مجملها تفصح بيقين عن توافر نية القتل العمد وإزهاق روح المجني عليه وبما يكفي لاستواء القصد الجنائي العام والخاص بحق المتهم.
وأوضحت أن المتهم أحرز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " سكين " دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية، وحيث ان التهمة المنسوبتين إلى المتهم قد جمعهما مشروع إجرامي واحد وقد ارتبطتا ارتباطا لا يقبل التجزئة ومن ثم تعين أعمال حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات بتوقيع العقوبة الأشد وهي الجريمة الأولي.
واختتمت المحكمة حيثيات الحكم بقولها:"بما أن الوقائع الملابسة لجرم المتهم " نهرو عبدالمنعم " الشهير "عبد الرحمن نهرو" تنادي بأن له نفسا التوت على الشر التواء وجبلت على القسوة ونشأت على الغدر فهي نفس شقية لا تجوز فيها الرحمة ولا يطمئن إليها الرفق بل أنها جرثومة فاسدة في المجتمع من الحزم اجتثاثها ودفع أذاها عن الناس فما بالها وقد فتك صاحبها بنفس زكيه بغير ذنب وبما أن هذه المحكمة تري لهذه الاعتبارات أن لا مبرر على الإطلاق لأخذ المتهم بالرفق في العقاب وأن القصاص له هو الجزاء الوفاق".