الشوربجي وجيله!!
إذا سألت أي شاب الآن عن أحلامه سيكون إختياره الأول السفرإلى الخارج وحتي رغم المعاناة والصعاب لسكة السفر والهجرة والغربة لن يتردد في الهجرة، علما بأن مصر ليس فيها سوى القوة البشرية لكننا نتعامل معها كعبء وليس كمصدر قوة وثراء، والتركيز المالى يذهب لرياضة واحدة نعرف نتائجها الخايبة، لكننا لا نهتم بغيرها من ألعاب البطولات، فمن الطبيعى أن نحصد ثمار الإهمال.
وما فعله محمد الشوربجي هو اختيار أول قائم لملايين الشباب المصريين، أي شاب مصري الآن، طبيب، مهندس، رياضي، حتى عامل، أحلامه تتركز في ترك مصر وقد وصلت الأجيال الجديدة إلى قناعة أن لا مستقبل في مصر، ولا أمل أن يحققوا احلامهم في وطنهم خاصة بعد أن عاشوا العالم المفتوح، لذا فهم في مقارنة دائمة مع نظرائهم بالخارج ولهذا زادت قوة ذلك الهاجس عند العديد من الشباب الساعي وراء تغيير وضعيته..
سواء عبر كسب العلم في الجامعات والمعاهد الأميركية في ظل النظام التعليمي الجيد لـ "العم سام"، أو سعيًا إلى الحصول على عمل يمكنه من تغيير حياته الاقتصادية، أو رغبة في التمتع بالحرية التي ينعم بها العالم الاخر، طريق الهجرة وعرة المسلك، ومليئة بالمنغصات، يختارونها غصبا، ويرمون بأجسادهم في أحضان الموت بحثا عن الحياة، لا يدرون هل هو سبيل سيوصلهم إلى مبتغاهم أم سيحول الحلم الأوروبي إلى كابوس.
شدوا الرحال، ركبوا الأمواج، وقفزوا من عل، مواطنون يبحثون عن حياة أفضل ويختارون طريق الهجرة لتحقيقها؛ منهم من وصل إلى مناله واستطاعَ العبور إلى الضفة الأخرى، وآخرون تصدى لهم الأمن وذهبت جهودهم سدى. وقصة محمد الشوربجي لاعب الاسكواش، الذي قرر تمثيل انجلترا دوليا واللعب باسمها وتحت علمها، بعد أن كان يمثل مصر، بسبب إهماله وتجاهل رعايته وعلاجه، تشبه لحد كبير قصة المصارع المصري طارق عبد السلام..
فساد وفوضي
طارق عبد السلام كان بيلعب باسم مصر وتعرض للإصابة ونتيجة الإهمال وعدم العلاج اعتزل اللعبة وسافر بلغاريا اشتغل عاملا في مطعم شاورما، البلغاريون عندما عرفوا أنه بطل أولمبي عالجوه وأعادوه للتدريب وجنسوه وحقق لبلغاريا الميدالية الذهبية في بطولة أوروبا 2017، ومن الطبيعي ان تتكرر الحكاية نتيجة كم الفساد والفوضى والانحطاط والمحسوبية والعلاقات المسمومة في منظومة النوادي والاتحادات فى مصر..
ويقول أولياء أمور لاعبي الاسكواش إن الضجيج الحالي منتشر فقط بين الناس العادية أو السوشيال ميديا، إنما داخل مجتمع الاسكواش الأمر عادى وهناك إقرار بحريته في اختيار ما يناسبه. وهذا يعني أن نري آخرين في الفترة القادمة يفعلون مثله للحصول على إمتيازات كثيرة لا يوفرها لهم الاتحاد في مصر.
ومحمد الشوربجى تحديدًا كانت لديه مشاكل كثيرة مع اتحاد اللعبة ومع النادى. وما فعله نادى هليوبوليس بإنهاء التعاقد معه يعبر عن هذا الخلل الذى قد يكون أحد العوامل التى دفعته لاتخاذ هذا القرار. فمصر فيها لاعبون أجانب محترفون في الأندية، فكيف يكون تجنس الشوربجى سببا لإلغاء التعاقد إلا إذا كان في الأمر ترصد له.
وبحسب تقرير حديث لنقابة الأطباء المصرية، فإنه ووفق إحصاءات الأشهر الأولى من عام 2022 حتى 20 مارس (آذار) الماضي فقد استقال 934 طبيبًا، ليصل العدد الإجمالي لنحو 11 ألفًا و536 طبيبًا استقالوا منذ أول 2019 وحتى 20 مارس 2022. وحذر التقرير من تزايد معدلات استقالة الأطباء من العمل الحكومي.
وطالب التقرير بتدخلات عاجلة لحل تلك الأزمة والحد من هجرة الأطباء المصريين خارج البلاد، وأي تشكيك في وطنية حد أو المزايدة على الانتماء ما هي إلا ترقيع ومحاولة للتغطية على مشكلات موجودة نتمنى دايما حلها وليس تبريرها.. فكل أرض أكرمتك هى وطن وكل أرض أهانتك هى غربة، كلنا فى غربة ومؤسف أن تعيش في وطن كل همك أن تغادره عموما، أي مصري ينجح بالخارج، في أي مجال فهو يمثلنا جميعا. فالنجاح -في حد ذاته- قيمة عظيمة.