في مثل هذا اليوم.. نيلسون مانديلا يدفع ثمن نضاله ضد العنصرية بالسجن مدى الحياة
في مثل هذا اليوم من عام 1964 حكم على الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا بالسجن مدى الحياة، وبالموازاة انتشرت حملة دولية للضغط من أجل إطلاق سراحه، الأمر الذي تحقق في عام 1990، ليمكث 27 عامًا خلف الأسوار، تنقل فيها بين أغلب سجون جنوب أفريقيا، من جزيرة روبن آيلاند، إلى سجن بولسمور نهاية بسجن فيكتور فيرستر.
عن نشأته وحياته
ولد نيلسون مانديلا في 18 يوليو 1918 بقرية مفيتزو بمقاطعة أوماتاتا بإقليم ترانسكاي بجنوب أفريقيا، في سنواته الأولى هيمنت على حياته العادات والطقوس والمحرمات، وشب مانديلا مع اثنين من أخواته على رعاية قطعان الماشية.
كان والداه أميين، لكنه والده كان عنيدا في العدالة وورث عنه مانديلا هذه الصفة قبل أن يتوفى بمرض في الرئة ويتركه بمفرده يواجه الحياة بمعتقداته.
عند دخوله جامعة ويتواترسراند في جنوب إفريقيا ودراسة القانون واجه العنصرية على حقيقتها، لهذا كان يرى أن الكفاح في بلاده يجب أن يكون ضد العنصرية وليس الطبقية، وتزايد نشاطه السياسي بشكل واضح.
في انتخابات جنوب أفريقيا لعام 1948، والتي كان يصوت فيها فقط البيض فقط هيمن على السلطة حزب ذي نزعة عنصرية علنية، فقنن ووسع تشريعات جديدة للفصل العنصري.
نشاط مانديلا
من هنا بدأ مانديلا وكوادره بدعوة لعمل مباشر ضد نظام الفصل العنصري مثل المقاطعات والإضرابات، متأثرين بوسائل وتكتيكات الجالية الهندية في جنوب أفريقيا، ليتسبب نشاطه السياسي في حرمانه من الحصول على الشهادة الجامعيةعام 1949.
في يوليو 1952، اعتقل نيلسون مانديلا بموجب قانون قمع الشيوعية ووقف أمام المحاكمة رفقة 21 متهما - وحكم عليهم بتهمة "الشيوعية النظامية" وعوقب بالأشغال الشاقة لتسعة أشهر.
لجأ مانديلا ومعه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى المقاومة المسلحة لإنشاء دولة ديمقراطية غير عنصرية مع تأميم الصناعات الرئيسية.
في 5 ديسمبر 1956، اعتقل مانديلا إلى جانب معظم المجلس التنفيذي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي بتهمة الخيانة العظمى للدولة واحتجز في سجن جوهانسبرغ وسط احتجاجات واسعة، لتضطر النيابة إلى سحب اتهامها.
اندلع العنف من جديد، واستوحى مانديلا فكرة حركة 26 يوليو التي قادها فيدل كاسترو وأشعلت الثورة الكوبية، ليقوم بتأسيس حركة "رمح الأمة" المسلحة عام 1961.
قبض عليه من جديد عام 1962 ووجهت له تهم التحريض على الإضرابات العمالية وحكم عليه بالسجن 5 سنوات، قبل أن تكتشف أجهزة الأمن الخطط التي كان يجهزها وأنصاره لقلب نظام الحكم، فحكم عليهم بالإعدام.
اندلعت موجة احتجاجات دولية وضغوط شديدة على نظام الفصل العنصري بسبب العقوبات ضد مانديلات ورفاقه، فاضطرت السلطة إلى تخفيف الحكم إلى سجن مدى الحياة بدلا من الإعدام.
ما بعد تجربة السجن الطويل
استمر في السجن حتى عام 1989 وانتقال السلطة إلى الرئيس دي كليرك، وهنا حدث تحول كبير في البلاد، إذ كان كليرك يرفض بقاء النظام العنصري واعتبره غير قابل للاستمرار، فأطلق سراح جميع سجناء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي دون قيد أو شرط باستثناء مانديلا.
بعد سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989، دعا دي كليرك مكتبه للاجتماع ومناقشة تقنين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وتحرير مانديلا، وكان البعض معارضين بشدة لخططه، لكنه تجاهل تحذيراتهم والتقى مانديلا في ديسمبر لمناقشة الوضع، واللقاء اعتبره الطرفان وديا، وتم الإفراج عن مانديلا دون قيد أو شرط.
الخروج للحياة ورئاسة الدولة
ترك نيلوسن مانديلا السجن في 11 فبراير عام 1990، وألقى خطابا أعلن فيه التزامه السلام مع الأقلية البيضاء التي تهيمن على كل مؤسسات الدولة، وأصر على إحلال السلام دون عنف والتركيز على مكافحة العنصرية.
في 10 مايو 1994 أصبح مانديلا أول رئيس أسود لحكومة وحدة وطنية في جنوب أفريقيا، وتابع مراسيم نقل السلطة عبر شاشات التلفاز مليار مشاهد حول العالم، وحضر هذا الحدث 4 ألاف ضيف، من بينهم قادة العالم من خلفيات متباينة، ليبدأ عهد جديد من المصالحة الوطنية والازدهار في جنوب أفريقيا.