من التاريخ.. السلطان العثماني يدبر مذبحة تاريخية لقوات الإنكشارية في جيش الخلافة
في مثل هذا اليوم من عام 1826 تمكنت قوات السلطان العثماني محمود الثاني من القضاء على تمرد القوات الإنكشارية والتي كانت تعتبر في وقت من الأوقات درة تاج القوات العثمانية في عصرها الذهبي، لكن بمرور الوقت شكلت خطرا داهما على الخلافة والأسرة العثمانية.
من هم الإنكشارية
قوات مشاة وفرسان من النخبة بالجيش العثماني، تأسست في عهد السلطان مراد الأول عام 1362، وكان لهم تنظيم خاص بهم، بثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثماني وأكثرها نفوذًا.
أغلب أفراد الإنكشارية جرى جلبهم من أسرى الحروب والغلمان اليتامى الذين كان يتم فصلهم عن أصولهم، وتربيتهم تربية إسلامية، على أن يكون السلطان والدهم الروحي، والحرب صنعتهم الوحيدة، وكان يتم تجديد صفوفهم بصورة دورية كل سنة أو ثلاث أو أربع أو خمس، بحيث يتم ضم ما يقرب إلى 12 ألف فرد.
بداية التمرد
واكتسبت الإنكشارية صفة الدوام في عهد السلطان مراد الأول سنة 1360، وكانت قبل ذلك تسرّح بمجرد الانتهاء من عملها، لكن الفساد استشرى بينهم رغم تربيتهم الصارمة، إذ اعتاد الانكشارية أن يتمردوا ويطالبوا بالهبات السخية كلما ارتقى العرش سلطان جديد، وقد شكلوا في العهود المتأخرة عقبة كانت تحول دون الإصلاح والتجديد.
تحولت الإنكشارية إلى مركز قوة تنغص حياة الدولة العثمانية، وتعرضها لكثير من الفتن والقلاقل، وبدلًا من أن ينصرف زعماء الانكشارية إلى حياة الجندية التي جبلوا عليها –راحوا يتدخلون في شؤون الدولة، ويزجون بأنفسهم في السياسة العليا للدولة، لدرجة أنهم أصبحوا يطالبون بخلع السلطان القائم بحكمه ويولون غيره، ويأخذون العطايا عند تولي كل سلطان جديد، وصار هذا حقًا مكتسبًا لا يمكن لأي سلطان مهما أوتي من قوة أن يتجاهله، وإلا تعرض للمهانة على أيديهم.
بعد تولي السلطان محمود الثاني سلطنة الدولة العثمانية سنة 1808 أيد تطوير الجيش العثماني وضرورة تحديثه بجميع فرقه وأسلحته بما فيها الفيالق العسكرية، خاصة بعد أن رأى انتصارات والي مصر محمد علي المتتابعة، وما أحدثته النظم الجديدة والتسليح الحديث والتدريب المنظم في جيشه.
حاول بالسياسة واللين إقناع الانكشارية بضرورة التطوير وإدخال النظم الحديثة في فرقهم، حتى تساير باقي فرق الجيش العثماني، لكنهم رفضوا عرضه.
تصفية الإنكشارية
اشتعلت الأوضاع بينهم وبين السلطان محمود الثاني وحاولوا تخريب البلاد والسطو والنهب، فاتخذ قرارا بتصفيتهم واستدعى لهم عدة فرق عسكرية من بينها سلاح المدفعية الذي كان قد أعيد تنظيمه وتدريبه.
وفي صباح مثل هذا اليوم خرجت قوات السلطان إلى ميدان الخيل بإسطنبول وكانت تطل عليه ثكنات الانكشارية، وتحتشد فيه الفيالق المتمردة، ولم يمض وقت طويل حتى أحاط رجال المدفعية الميدان، وسلطوا مدافعهم على الانكشارية من كل الجهات فحصدتهم، بعد أن عجزوا عن المقاومة، وسقط منهم ستة آلاف جندي انكشاري.
وفي اليوم الثاني من هذه المعركة التي سميت بـ"الواقعة الخيرية" أصدر السلطان محمود الثاني قرارًا بإلغاء الفيالق الانكشارية إلغاءً تامًا، شمل تنظيماتهم العسكرية وأسماء فيالقهم وشاراتهم، وانتهى بذلك تاريخ هذه الفرقة تماما.