في ذكرى تنحي عبد الناصر.. الزعيم الراحل يعلن تحمله مسؤولية النكسة.. ويوجه 4 رسائل لإزالة آثار العدوان
لقد قررت أن أتخلى نهائيا عن كل منصب رسمي وكل دور سياسي وأن أعود لصفوف الجماهير وأقوم بواجبي مثل أي مواطن آخر.. عبارة نطق بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خطاب التنحي الشهير بمثل هذا اليوم، بعد أن لجأ للمادة 110 من الدستور المؤقت الصادر عام 1964، وعهد إلى زكريا محي الدين بتولي منصب الرئيس للتعامل مع الوضع الخطير الذي يمر به الشعب المصري.
لماذا التنحي ؟
حمل عبد الناصر نفسه المسئولية الأكبر عن عواقب نكسة عام 1967التي أضرت بالمشروع الناصري وجرحت الذات الوطنية للمصريين والعرب، بعد سنوات من ضخ أفكار القومية العربية والوطن الواحد، والإحساس بالتفوق على جميع المستويات.
في الساعات الاولى لانكشاف عورات النكسة وانعكاساتها على الأوضاع في الجيش المصري، واحتلال الأراضي المصرية والعربية، فضل عبد الناصر اللجوء للمصارحة الكاملة، وكان بطبعه يميل للحديث العلني مع المصريين في كل الأمور، يناقشهم بالساحات ويشركهم في التفاصيل.
اتضح لناصر عدم دقة حساباته معاونيه وبشكل اكثر وضوحا ـ حسابات عبد الحكيم عامر قائد الجيش ـ وتقديراته لقوة العدو، إذ كان يؤكد دائما أن قواتنا المسلحة على مستوى المعدات والتدريب لديها القوة والقدرة على صد العدو وردعه حال اندلاع اشتباك مسلح بين مصر وإسرائيل.
لكن التأثير القاتل لضربة الاثنين 5 يونيو أكد أن إسرائيل أقوى مما توقع معاوني ناصر، إذ اتضح منذ اللحظة الأولى أن هناك قوى أخرى ولديها حسابات مع الحركة القومية العربية ويجب تصفيتها.
العدو الذي كان يتوقعه ناصر من الشرق ودخل في صراعات معه في اليمن وشبه الجزيرة العربية وما أسماها قوى الرجعية، جاءه هذه المرة من الغرب، وهي حقيقة كشفت عنها بوضوح التسهيلات التي تجاوزت قدراته، إذ غطى الجيش الإسرائيلي في وقت واحد جميع المطارات العسكرية والمدنية في الجمهورية العربية المتحدة ـ مصر وسوريا أنذاك ـ.
استفادت إسرائيل من درس عام 1956 والعدوان الثلاثي، وكانت حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية على مقربة من شواطئها، تساعد في مجهودها الحربي، كما أغارت الطائرات البريطانية في وضح النهار على مواقع بالجبهتين السورية والمصرية.
قامت الطائرات الأمريكية بعمليات استطلاع وكانت النتيجة الحتمية لذلك أن القوات البرية التي خاضت أعنف المعارك وأكثرها شجاعة في الصحراء المفتوحة، وجدت نفسها في الأوقات الصعبة دون غطاء جوي كافٍ في مواجهة التفوق الحاسم لقوات العدو الجوية.
رسائل عبد الناصر لتجاوز النكسة
وجه عبد الناصر عدة رسائل، وأكد أن إزالة آثار العدوان مرهون بالاستمرار في مساندة الأمة العربية بحزم لايلين، فرغم النكسة إلا إن الأمة العربية بكل إمكانياتها ومواردها في وضع يمكنها إزالة آثار العدوان.
الرسالة الثانية هي تعلم درس النكسة، بالاستمرار في ما أسماه عبد الناصر ـ النضال للقضاء على الإمبريالية في العالم العربي ـ إذ اعتقد ناصر دائما أن تجريد إسرائيل من قوتها الذاتية مهما كانت الظروف سينهي عليها ويدمرها مهما طال الوقت.
رسالة عبد الناصرالثالثة أن القوة الجوهرية العربية أكبر وأكثر فاعلية مما يتوقع أعدائه، لهذا يجب إعادة توجيه المصالح العربية في خدمة الحقوق العربية، خاصة إذا عرفنا أن الأسطول السادس الأمريكي كان يتحرك بالنفط العربي لإرهاب مصر، بما يعني أن الثروات العربية تستخدم ضد إرادة الشعوب والمطلوب كلمة موحدة من الأمة العربية جمعاء.
الرسالة الرابعة لناصر، أن الحرب أثبتت خطأ التقديرات الغربية التي تصورت أن المشروع العربي سيهزم بانهيار الزعيم المصري، لهاذا استمرت القوى المعادية للحركة القومية العربية في تصوير هذه الحركة على أنها إمبراطورية لعبد الناصر، وهذا غير صحيح فالتطلع إلى الوحدة العربية عرفته المنطقة قبل عبد الناصر ويجب أن يستمر بعده.