استيراد أسلوب حياة إنساني وعادل هو الحل !
منذ أيام والإعلامي خالد عليش يحتل مساحة اهتمام متزايدة على مواقع التواصل بسبب عدم تمكنه ـ حسب روايته ـ من التعايش مع طفلته بشكل إنساني وعادل بعد أن انفصل عن والدتها وتعقدت العلاقة بينهما وانتقلت إلى ساحات القضاء.
مشكلة خالد عليش نقطة في بحر من صراعات الطلاق التي توحشت بين الرجل والمرأة خلال السنوات الماضية بسبب تآكل ثقافة الاختلاف وشيوع الكراهية والعنف والتطرف بما ينعكس تلقائيا على أسلوب إدارة حياة ما بعد الإنفصال بين الطرفين.
ورغم تزايد الصدام بشكل مخيف والتأثير المتوقع من زيادة الهوة بين الرجل والمرأة على مستقبل هذا المجتمع وتشريد المزيد من الأسر، لكن للأسف لا يوجد حلول راشدة في الأفق، سواء لعدم توافر بنية ثقافية تسمح بتأسيس عقد اجتماعي عصري لا يتخلف عن ركاب العالم في الحقوق والواجبات للطرفين.
أو لأن كل فريق يتمترس أنصاره خلف قائمة من الشروط تنسف حقوق الآخر وتسحق كرامته، ولا يريد أي منهما الاعتراف بمعاناة الآخر أو التعاطف معها، ولهذا وبمنتهى التجرد لن يصلح هذه التشوهات إلا استيراد عقد اجتماعي أكثر إنسانية، كما نستورد كل مقومات الحياة من الخارج وبدونها سنعود لحياة العصور الوسطى.
مصلحة الطفل
نعم، نريد أسلوب حياة جديد.. «سيستم» يوفر لكل الأطراف درجة عالية من العدالة بما يجعله قادرًا على الصمود أمام انغلاق المأزومين دينينا أو دعاة التطرف النسوي أو أنصار التطبيقات المشوهة للمساواة بين الطرفين التي تمشي على سطر وتترك مائة.
نريد أعراف اجتماعية سبق تجربتها وحققت مصلحة الطفل وساعدت والديه على بدء علاقة بأسس عادلة وصحية، فالأصل في الطلاق والانفصال إعطاء فرصة لإصلاح ما أفسدته الحياة المشتركة ولم تقدر على تصويبه! وحتى لايكون الكلام عائما، في أغلب البلدان المتقدمة لا يوجد نظام واحد للحضانة بعد الانفصال بل تلجأ الدولة أحيانا إلى سن عدة تطبيقات حسب ظروف الوالدين ومدى استعداد كل منهما لتحقيق أفضل مصلحة للطفل.
كل تطبيقات الحضانة تسمح للطرفين برؤية الأطفال والتعايش معهم بانتظام وفق حقوق متساوية وعادلة سواء باتفاق ودي بين الوالدين، أو من خلال القاضي الذي يختار من تطبيقات الأم والأب المقترحة ما يناسب مصلحة الطفل ومستقبل العيش المشترك بينهما.
يحكم القاضي بين الطرفين وفقا لعدة معايير منها ظروف الوالدين في حياتهما الجديدة، وأسلوب التربية المتبع من كل منهما، والقدرة على التواصل، والخيارات المعيشية الأكثر أريحية للطفل، وفي أغلب المشكلات يلجأ القاضي بناء على رغبته، أو رغبة أحد الوالدين، أو رغبتهما معا إلى خبير نفسي للمساعدة في اتخاذ القرار الصحيح الذي يضع في الاعتبار الظروف المحيطة بالطفل وحالته النفسية، ويكون للطفل رأيا استشاريا أحيانا ويأخذ به القاضي خاصة في مرحلة المراهقة.
تحرص أنظمة الحياة في هذه البلدان على توسيع مساحة الفرص وتحسين شروط المستقبل أمام كل الأطراف ولهذا ليس مستغربا أن دولة مثل بريطانيا تراجعت فيها نسب الطلاق لأقل مستوى ممكن منذ السبعينات بسبب خيارات العيش المتعددة وتعظيم قيمة المسئولية الشخصية وحرص كل الأطراف على مراعاة مصالح وحقوق الجميع.. لا يوجد مزيد من الوقت، انقذوا المجتمع قبل فوات الأوان!