حكم الاحتكار؟ وهل يجوز شرعًا للجهات المختصة معاقبة الشخص المحتكر؟
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه: "نرجو منكم بيان حكم الاحتكار؟ وهل يجوز شرعًا لولي الأمر (الجهات المختصة) معاقبة الشخص المُحْتَكِر؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
الاحتكار: هو حبسُ كلِّ ما يضرُّ العامَّةَ حبسُه؛ وذلك عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقِلُّ بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لندرتها، ويصيب الناسَ بسبب ذلك الضررُ، وقد نهى عنه الشارع وحرَّمه؛ فقد روى الإمام أحمد في "مسنده"، ومسلم في "صحيحه"، وأبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجه والدارمي في "سننهم"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"شعب الإيمان": أنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئ».
والأصل في الاحتكار: حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها؛ فيحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها.
حكم الاحتكار في الإسلام
فقد دلت النصوص الشرعية على أنَّ الاحتكار من أعظم المعاصي، وخاصة إذا أحدث بالناس ضررًا، فقد اشتملت الأخبار على لعن المُحْتَكِر وتوعّده بالعذاب الأخروي الشديد؛ ومن ذلك ما أخرجه الإمام مسلم عن معمر بن عبد الله العدوي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئ». وأخرج الحاكم في "المستدرك" عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لَيُغْلِيَ عَلَيْهِمْ، كَانَ حَقًّا عَلَى ٱللهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمِ جَهَنَّمَ رَأْسُهُ أَسْفَلُهُ»؛ إلى غير ذلك من الأخبار الدالة بعمومها وإطلاقها على حرمة الاحتكار سواء للأفراد أو للشركات المحلية أو الأجنبية أو حتى الحكومات.
وقد قرَّرت الشريعة الإسلامية أساليب عدة لإزالة آثار الاحتكار في المجتمع إذا كان في سلعة ضرورية للناس عملًا بالقاعدة الفقهية: "الضرر يزال"؛ ومن هذه الأساليب أن يُجبَر المحتكر على بيع ما لديه، وأن يُسعَّر عليه حتى يضيع عليه مقصده من الاحتكار؛ يقول الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار لتعليل المختار" (4/ 161، ط. مطبعة الحلبي): [إذا رُفع إلى القاضي حال المحتكر يأمره ببيع ما يفضل عن قوته وقوت عياله؛ فإن امتنع باع عليه] اهـ.
ويقول الشيخ الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (4/ 227، ط. دار الفكر) عن السلعة المحتكرة: [إن نزلت حاجة فادحة أو أمر ضروري بالمسلمين فيجب على مَن كان عنده ذلك أن يبيعه بسعر وقته؛ فإن لم يفعل أُجبر على ذلك] اهـ.
ويقول الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (13/ 48، ط. دار الفكر): [والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء على أنَّه لو كان عند إنسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره أُجبر على بيعه دفعًا للضرر عن الناس] اهـ.
ويقول عبد الرحمن بن نصر جلال الدين العدوي الشيزري الشافعي في "نهاية الرتبة الظريفة في طلب الحسبة الشريفة" (ص: 12، ط. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر): [وإذا رأى المحتسب أحدًا قد احتكر الطعام من سائر الأقوات، وهو أن يشتري ذلك في وقت الرخاء ويتربص به الغلاء، فيزداد ثمنه، ألزمه بيعه إجبارًا] اهـ.
ويقول الإمام البهوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 318، ط. مؤسسة الرسالة): [ويحرم التسعير والاحتكار في قوت الآدمي، ويُجبر على بيعه كما يبيع الناس] اهـ.
كيفية معالجة الاحتكار
وعرض ما اختزنه المحتكِر من السلع في السوق وإجباره على بيع ما لديه سيؤدي بالضرورة إلى زيادة العرض، وقد يلغي كل آثار الاحتكار؛ حيث ينخفض السعر بزيادة العرض.
فإن أصرَّ المحتكرون على أن يبيعوا بثمن مرتفع فيجوز لولي الأمر الإلزام ببيع هذه السلعة بسعر محدد من قِبَله، وهو ما يُسمى بالتسعير.
وقد ذهب إلى جواز التسعير عند وقوع الضرر على الناس الحنفية والمالكية، وهو وجه للشافعية ورأي ابن تيمية من الحنابلة، واستدلوا بحديث: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ» رواه الإمام مالك في "الموطأ"؛ فالشارع لم يُمكِّن الشريك من البيع بما يريد، بل ألزمه بسعر المثل، وهو السعر العدل، وما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه فوجده يبيع زبيبًا بسعر عالٍ فأمره أن يُقَلِّل السعر أو يخرج من السوق، كما استدلوا بأنَّ المصلحة تقتضي التسعير لما يحدثه ارتفاع الأسعار من قِبَل المحتكرين من ضرر يقع بالناس، ومن القواعد العامة للإسلام إزالة الضرر والمشقة والحرج والظلم، والتسعير على المحتكر يُزِيلُ هذه العلل.
قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية مع شرحها البناية للعيني" (12/ 218، ط. دار الكتب العلمية): [فإن كان أرباب الطعام يتحكمون ويتعدّون عن القيمة تعدّيًا فاحشًا، وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير؛ فحينئذ لا بأس به بمشورة من أهل الرأي والبصيرة] اهـ.
ويقول الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/ 730، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [لا يُسعَّر على أحد مالُه ولا يُكره على بيع سلعته ممَّن لا يريد ولا بما لا يريد إلا أن يتبيّن في ذلك ضرر داخل على العامة وصاحبُه في غنًى عنه؛ فيجتهد السلطان في ذلك ولا يحلّ له ظلم أحد] اهـ.
وقال الإمام الجويني في "نهاية المطلب في دراية المذهب" (6/ 63، ط. دار المنهاج) عن التسعير: [ليس للإمام هذا في رخاء الأسعار وسكون الأسواق؛ فإنه حجرٌ على الملاك، وهو ممتنع. فأمَّا إذا غلت الأسعار، واضطر الناسُ، فهل يجوز للإمام أن يسعِّر؟ فيه وجهان مشهوران:
أحدهما: المنع طردًا للقياس الكلي. والثاني: الجواز؛ نظرًا إلى مصلحة العامة] اهـ.
وقال عنه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (28/ 76، ط. مجمع الملك فهد): [أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم الله به. وأبلغ من هذا أن يكون الناس قد التزموا ألا يبيع الطعام أو غيره إلا أناس معروفون لا تباع تلك السلع إلا لهم؛ ثم يبيعونها هم؛ فلو باع غيرهم ذلك منع إما ظلمًا لوظيفة تؤخذ من البائع؛ أو غير ظلم لما في ذلك من الفساد؛ فهاهنا يجب التسعير عليهم بحيث لا يبيعون إلا بقيمة المثل ولا يشترون أموال الناس إلا بقيمة المثل بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء؛ لأنه إذا كان قد منع غيرهم أن يبيع ذلك النوع أو يشتريه، فلو سوغ لهم أن يبيعوا بما اختاروا أو اشتروا بما اختاروا كان ذلك ظلمًا للخلق من وجهين: ظلمًا للبائعين الذين يريدون بيع تلك الأموال؛ وظلمًا للمشترين منهم.
والواجب إذا لم يمكن دفع جميع الظلم أن يدفع الممكن منه، فالتسعير في مثل هذا واجب بلا نزاع، وحقيقته إلزامهم ألا يبيعوا أو لا يشتروا إلا بثمن المثل. وهذا واجب في مواضع كثيرة من الشريعة؛ فإنه كما أن الإكراه على البيع لا يجوز إلا بحق، يجوز الإكراه على البيع بحق في مواضع] اهـ.
فالتسعير يؤدي إلى خفض ثمن السلعة التي تم احتكارها إلى ثمنها الحقيقي في الظروف المعتادة غير الاحتكارية.
عقوبة المحتكر في الإسلام
أما عقوبة المحتكر فيما لا يخص السلعة المحتكرة فإنَّ الشرع لم يُقدر للمحتكر عقابًا مُحدَّدًا؛ فلم يرد في السنة النبوية الشريفة ما يدلّ على أن للاحتكار عقوبة مقدرة، وإذا لم يكن له عقوبة مقدرة في الشرع فتدخل عقوبته في باب التعزير؛ فوليّ الأمر له سلطة الردع عن الاحتكار والحيلولة دون وقوعه وإزالته إذا وقع؛ لأنَّ ولي الأمر له الولاية العامة التي تشمل تنظيم الحياة العامة للمجتمع، ومن أهمها تنظيم المسألة الاقتصادية، ويدل على ذلك ما جاء في كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه ورضي عنه إلى مالك بن الأشتر النخعي -والذي ذكره القلقشندي في "مآثر الإنافة في معالم الخلافة" (3/ 6، ط. مطبعة حكومة الكويت)- وفيه: [فامنع من الاحتكار، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منع منه.. فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكِّل به وعاقبه من غير إسراف] اهـ، وكذلك ما أخرجه ابن حزم في "المحلى" أنَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحرق طعامًا احتُكر بمائة ألف.
قال في "الفتاوى الهندية" (3/ 214، ط. دار الفكر): [وإذا رُفع أمر المحتكر إلى الحاكم فالحاكم يأمره ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله على اعتبار السعة، وينهاه عن الاحتكار، فإن انتهى فبها ونعمت، وإن لم ينته ورفع الأمر إلى القاضي مرة أخرى وهو مُصِرٌّ على عادته وَعَظَهُ وَهَدَّدَهُ، فإن رفع إليه مرة أخرى حبسه وَعَزَّرَهُ على ما يرى] اهـ.
والتعزير هو كل عقوبة ليس لها حدٌّ مُقَرَّرٌ في الشرع؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (7/ 63-64، ط. دار الكتب العلمية): ["فصل في التعزير".. (أما) سبب وجوبه فارتكاب جناية ليس لها حدٌّ مُقَدَّر في الشرع، سواء كانت الجناية على حق الله تعالى كترك الصلاة والصوم ونحو ذلك، أو على حق العبد.. وأما شرط وجوبه فالعقل فقط؛ فيُعَزَّر كل عاقل ارتكب جناية ليس لها حد مقدر، سواء كان حُرًّا أو عبدًا، ذكرًا أو أنثى، مسلمًا أو كافرًا، بالغًا أو صَبِيًّا، بعد أن يكون عاقلًا؛ لأن هؤلاء من أهل العقوبة.. وأما قدر التعزير فإنه إن وجب بجناية ليس من جنسها ما يوجب الحد.. فالإمام فيه بالخيار إن شاء عَزَّرَهُ بالضرب، وإن شاء بالحبس، وإن شاء بالكهر والاستخفاف بالكلام] اهـ.
سلطة الحاكم على المحتكر
فيجوز للحاكم إن رأى أن المحتكر لا يرتدع إلا بالحبس ونحوه أن يحبسه أو يُعَزِّرَهُ بما يراه رادعًا له ولأمثاله، ومن صور العقوبات التعزيرية: التعزير بالمال، وهو جائز على أحد قولي الحنفية، وهو قول الشافعي في القديم، وقول عند المالكية وأحمد في مواضع مخصوصة من مذهبيهما، ونصره تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وعزاه الخطَّابي للحسن البصري والأوزاعي وإسحاق؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: 89]، فهذه الآية أصلٌ دالٌّ على مشروعية التغريم بالمال شرعًا؛ إذ الحنث معصية ليست لها عقوبة مقدَّرة تماثلها في الصورة.
ومن السنة النبوية ما رواه أبو داود والنسائي والحاكم بسندهم عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن الثَّمر المعلَّق؟ فقال: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِى حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَىْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ»، والخُبْنَة: مِعطَف الإزار وطَرَف الثوب، وهو ما يأخذه الرجل في ثوبه فيرفعه إلى فوق، والمعنى أن مَن أكل مِن ثمر مضطرًّا دون أن يأخذ منه شيئًا فلا عقوبة عليه، وإن أخذ منه شيئًا فعليه الغرامة والعقوبة، وذلك إذا لم يكن من حرزٍ وبلغ النصاب.
ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَثْقَلَ صَلاَةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِى بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ»؛ فهذا صريح في أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم هَمَّ بتحريق بيوت الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة، وما مَنَعه عليه الصلاة والسلام من ذلك إلا لما فيها من النساء والذرية، والحرق عقوبة مالية بالإتلاف.
ومنها: ما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي عن بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «في كُلِّ سَائِمَةِ إِبِلٍ فِى أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا -قَالَ ابْنُ الْعَلاَءِ: مُؤْتَجِرًا بِهَا- فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ لآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَىْءٌ»، ومعنى عَزْمَة أي: حقًّا.
كما يُستدل لجواز التعزير بالمال بعمل بعض الصحابة رضي الله عنهم؛ كتحريق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه المكان الذي يباع فيه الخمر، وتحريقه قصر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما احتجب فيه عن الرعية وصار يحكم من داره، ومصادرته عمَّالَه بأخذ شطر أموالهم، وإراقته اللبن المغشوش.
وبجواز العقوبة بالمال أخذ القانون المصري كما في المادة (22 عقوبات)، حيث نصَّت على أنَّ العقوبة بالغرامة إلزام للمحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدَّر في الحكم، ثمَّ فصَّل القانونُ حدودَ الغرامة لكل جريمة على حدة.
وعلى ذلك: فيجوز تعزير المحتكر بغرامة مالية أو بمصادرة ماله؛ وعلى ذلك نص قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم (3) لسنة 2005م مع تعديلاته بالقانون رقم (56) لسنة 2014م؛ ففي المادة رقم (8): [يحظر على مَن تكون له السيطرة على سوق معينة القيام بأي ممَّا يأتي:
أ- فعل من شأنه أن يؤدّي إلى منع كلي أو جزئي لعمليات التصنيع أو الإنتاج أو التوزيع لمنتج لفترة أو فترات محددة.. جـ- فعل من شأنه أن يؤدي إلى الاقتصار على توزيع منتج دون غيره على أساس مناطق جغرافية أو مراكز توزيع أو عملاء أو مواسم أو فترات زمنية، وذلك بين أشخاص ذوي علاقة رأسية.. و- الامتناع عن إنتاج أو إتاحة منتج شحيح متى كان إنتاجه أو إتاحته ممكنة اقتصاديًّا] اهـ.
ثم قرَّر القانون العقوبات المترتبة على هذه الأفعال في المادة رقم (22) ونصه: [مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشدّ ينص عليها أي قانون آخر يعاقب على كل مخالفة لأحكام أي من المواد (6، 7، 8) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه. وللمحكمة بدلًا من الحكم بالمصادرة أن تقضي بغرامة بديلة تعادل قيمة المنتج محلّ النشاط المخالف] اهـ.
وبناء على ذلك: فإنَّ الاحتكار من الأمور المحرمة المنهيّ عنها؛ لما تلحقه بالناس من التضييق والضرر باقتصادهم واختلال أسواقهم.
ويجوز شرعًا لولي الأمر أن يُحَدّد ثمن السلعة التي دخلها الاحتكار؛ لتباع بثمنها الأصلي، فإن أبى البائع المحتكر إلا أن يبيع بما شاء باعها ولي الأمر عليه، وعَزَّرَه بما يراه مناسبًا لجرمه ولردعه سواء بالحبس أو بالتغريم.