رئيس التحرير
عصام كامل

اعتراف القاهرة بـ«كوسوفو» تكريم لـ«مصريي البلقان».. القرار لم يأت صدفة بل احترامًا لأبناء النيل.. بداية لعلاقات مميزة بين حكومات البلدين.. مصر تقف بجانب تركيا في دعم أكبر بلد مسلم


منذ إعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا في 17 فبراير 2008 دخلت في معركة دبلوماسية مع صربيا لأجل نيل الاعتراف الدولي بها، وهو ما حاولت بلغراد عرقلته، لكون هذا الاستقلال «يتعارض مع القانون الدولي» ويتعظيم خطر تحول كوسوفو إلى «دولة إسلامية» (نسبة المسلمين أكثر من 95%).


ومع كل الدعم الأمريكي والأوربي (البريطاني خاصة) والتركي، سار الاعتراف العربي الإسلامي ببطء حتى الآن، وهو ما أثار المعارضة الكوسوفية باستمرار ضد الحكومة الكوسوفية، التي كانت تعد باستمرار بتلاحق الاعترافات.

وكان رئيس الحكومة هاشم ثاتشي، قد أعلن في يوم الاستقلال استعداد نحو 100 دولة (ومنها الدول العربية الإسلامية) للاعتراف الفوري باستقلال كوسوفو، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، كما أن وزير الخارجية الكوسوفي أنور خوجا كان قد أعلن في بداية 2013 عن عام «غني» بالاعترافات، إلا أن نصف العام كاد أن يمر باعتراف واحد فقط لتنزانيا في نهاية مايو، وكاد أن يكون ذلك فشلًا لوزارة الخارجية لولا الاعتراف المصري الذي جاء في اللحظة المناسبة في 26 يونيو.

وفي الواقع، كان هذا اليوم مهمًا لأطراف ثلاثة معنية به: كوسوفو و«مصريو البلقان» ومصر. هل هـــي صدفــــة أن يأتـــــي اعتراف مصــر باستقلال كوسوفو فـــي الوقــــت الذي كان فيه «مصريو البلقان» يحــتفلون في كوسوفو بـ «اليوم القومي لمصريي البلقان»؟.

الأمر هنا يتعلق بإثنية جديدة ظهرت على السطح عشية انهيار يوغسلافيا وحظيت لأسباب سياسية بدعم من نظام سلوبودان ميلوشوفيتش، الذي اعترف بها وأدخلها ضمن خانة الأقليات الإثنية في إحصاء 1991، وهو ما أحاطها بنقاشات سياسية وأكاديمية حول حقيقة هذه المجموعة التي تنتسب إلى مصر بالاسم.

وكانت هذه المجموعة، الممتدة في كوسوفو وألبانيا ومقدونيا المجاورة تصنَّف ضمن الغجر أو «الروما» الذين حظوا في نهاية يوغسلافيا التيتوية بالاعتراف بهم كجماعة إثنية وأصبحت لهم لغتهم القومية التي تدرس في المدارس.

ولكن مع الزمن ظهرت كتابات ومبادرات تميز «المصريين» عن الغجر، وذلك بالتأكيد على أن «المصريين» الذين يعدّون بالآلاف في كوسوفو جاؤوا البلقان قبل الغجر بعدة قرون، ولذلك ذابوا في الإطار الالباني بعد أن فقدوا لغتهم الأصلية وأصبحوا يتحدثون اللغة الألبانية ويحملون أسماء ألبانية لا تميزهم عن غيرهم.

ومع ذلك، فقد جاء إعلان الاستقلال الكوسوفي ليمنحهم زخمًا جديدًا بعد أن حظوا باعتراف دستوري بهم وأصبح العلم الكوسوفي يضم نجمة ترمز لهم وأصبح لهم حزب ونائب في البرلمان (جواد نذيري) و«يوم قومي» خاص بهم في 24 يونيو من كل عام.

اعتقد أو توهّم رموز «مصريي البلقان» أن الإعلان عن اعتراف مصر باستقلال كوسوفو لم يأت صدفة، في خضم الاحتفالات في كوسوفو بـ «اليوم القومي لمصــريي البلقان»، بل هو لفتة كريمة من «الدولة الأم».

وفـــي هذا السياق، أصــــدرت «المبـــادرة الكوسوفية الديمـــوقراطية الجديدة» التي تمثل «مصريي البلقان»، بيانًا قويًا باسم أمينها العام فيتون بريشا، جاء فيه أن «اعتراف مصر يمثل بداية للصلات المهمة التي ستلي ذلك، وصولًا إلى التعاون بين حكومة كوسوفو وحكومة مصر والتعاون بين شعب كوسوفو وشعب مصر وتعزيز الصلات الروحية بين مصريي البلقان وشعب مصر خصوصًا».

الجريدة الرسمية