الشيخ المبروك!
مهلًا مهلًا يا شيخ مبروك عطية؛ ما هكذا تورد الإبل، ولا هكذا يكون عالم الدين. إنك تعلم -بلا شك- أن الهزل لا يجوز في مقام الجد، والجد لا يصح في موضع الهزل، وأن عالم الدين لا ينبغي أن يكون أراجوزًا. رفقًا بنفسك وبنا يا مولانا. أبعد الدين عن نكاتك وقفشاتك وما تظنه خفة ظل ورجاحة عقل وذكاءً منقطع النظير.
دعني أنبئك -يا دكتور- أنك لم تأتِ بما لم يأتِ به الأوائل. إني أعظك أن تكون ممن قال الله تعالى عنهم وفيهم: "أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا". ألم تكتفِ يا دكتور من العمل بالبرامج الفضائية سنوات عديدة، حتى تلهث وراء مشاهدات اليوتيوب، مثل مطربي المهرجانات وساء أولئك رفيقًا؟ لقد أذلَّ التريندات عُنقك يا شيخ!
تفسير باطل
قليلٌ من العقل يكفي يا "مبروك"، وبعضٌ من القناعة يُرضي يا "عطية". أسلوبك الذي تنتهجه في الرد على الفتيات والسيدات من خلال برنامجك التليفزيوني يهوى إلى فخ الابتذال الرخيص. ما عهدنا في علمائنا المتقدمين ولا المتأخرين هذه الطريقة غير المثلي. هل وصلت بك الحال إلى أن تلوي عنق النص القرآني؛ لتحرف الكلم عن مواضعه؟ أصلاتك تأمرك بهذا يا صاحب الدرجات العلمية العُلا؟ يا دكتور.. إن جُلَّ ما تستنطقه من النصوص الدينية ليس استنباطًا صحيحًا، بل تأويلات فاسدة وتفسيرات باطلة؛ تغازل بها متابعاتك قبل متابعيك.
ألا تتقي الله يا رجل؟ ألا تعلم أن هذه التجاوزات التي تعلنها عبر حساباتك الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال فقرتك المتلفزة الأسبوعية، يتلقفها المتربصون والمتنطعون والمغرضون والمرجفون في المدينة؛ ليثيروا بها الغبار حول الإسلام؛ انتقاصًا وازدراءً واستهزاءً؟ كيف ترضى لنفسك ولدينك هذا، وقد بلغتَ من الكبر عتيًا؟
الذاكرة المصرية لا تزال تحتفظ بأسماء علماء أكابر، ملأوا الأرض علمًا ونورًا، دون أن يتخلوَا عن وقارهم واستقامتهم وحُسن بيانهم، ولم يلجأوا إلى هذا الأسلوب المبتذل. هل كان الشيوخ: عبد الحليم محمود ومحمود شلتوت وجاد الحق علي جاد الحق وأحمد حسن الباقوري ومحمد الغزالي ومحمد متولي الشعراوي وعطية صقر ومحمد أحمد المسير وعبد الله شحاتة وغيرهم كثيرون، يفعلون ذلك؟ هل تظن نفسك يا دكتور أرجح عقلًا، وأغزر علمًا، وأعظم فقهًا ممن سبقوك؟ لا واللهِ.. لست كذلك ولن تكون. العبرة ليست بتأليف وتجميع الكتب، فكثيرٌ منها علمٌ لا ينفع وجهل لا يضر!
أنت -يا دكتور- لا تملك مقومات الداعية المؤثر ولا الواعظ الجاد ولا العالم الجليل. اعتزل -يا أستاذ- الظهور التليفزيوني والفضاء الإلكتروني؛ رفقًا بنفسك وبنا، وتفرغ لتأليف مزيد من الكتب التي تتباهى بها مع كل إطلالة لك، واستغفر لذنبك، وتبْ إلي الله متابًا. واترك أمانة الدين لمن يَقدر عليها ويُقدرها حقَّ قدرها.