إذا بليتم فاستتروا
لم أكن يوما من أنصار مبارك وحزبه ولكني لم اهاجمه بعد عزله أو سجنه ودافعت عن حقوق المواطنان علاء وجمال وكنت ضد الهجوم الانتقامي عليهم، ورأي أن المقاتل حسنى مبارك كان وطنيا وقائدا عسكريا فذا، ويكفيه فخرا أنه لم يفرط في شبر من أرض مصر، وإنه واصل المعارك السياسية والدبلوماسية حتى حررنا آخر جزء من أرض سيناء وتم رفع العلم المصري على طابا عام 1989..
كما أري إن جمال مبارك وستة من رجال الأعمال قد أفسدوه وإنهم السبب في كل الكوارث التي تعيشها مصر الآن بل وهم السبب الأساسي فيما جري في يناير ٢٠١١.. وإننا لانزال ندفع ثمن حماقات وغرور جمال مبارك وشلته وأنا شاهد علي محاولات رخيصة لتقديمة لوراثة والده بسيناريو ردئ من أنس الفقي وشلة من إعلامي لجنة السياسات، وأزيد إن كل قطرة دم سالت من يناير٢٠١١ وحتي الان هي في رقبة جمال مبارك وشلته..
وكان الجميع علي دراية بأنه محدود القدرات ولولا أنه إبن رئيس الجمهورية لما ظهر سياسيا، بل وما إستطاع أن يحصل أو يحتفظ بوظيفته في بنك أوف أمريكا الذي بدأ منه مشواره المهني، ببيع ديون الدولة المضروبة، ومن هناك كانت خميرة الأرصدة التي دافع عنها في بيانه وأن كافة زملائه في لجنة السياسات أقدر منه ولكنهم يستخدمونه لمحاولة خلق وضع سياسي لأنفسهم..
الجريمة الكبري
وقد تحدث جمال مبارك في بيانه الذى ألقاه منذ أيام بالانجليزية لانه يوجه هذا الحديث لأمريكا وأوروبا وإسرائيل، ولدوائر الإستثمار التي سينقل نشاطه فيها وكذلك الأوساط الإجتماعية الخاصة به، فلو كان لديه ذرة من إحترام عقول مواطنيه لدافع ولو بجملة أو اثنتين عن مشروعية مصدر هذه الثروة، ودفاعه الحقيقي المقنع والذي يمكن أن يزيل الكراهية نحوه هي أن يقدم إقرار ذمة مالية شامل بما يملك وكيف تملكه لآن الأصل في الأشياء -والأموال تحديدا- إثبات التحصل عليها من مصادر مشروعة، وليس التباهي بفشل الجميع في إثبات عدم مشروعيتها..
ولذلك تتعامل كافة النظم والقوانين مع العاملين في الشأن العام بالمبدأ الشهير "من أين لك هذا" علما بأن عدم كفاية الأدلة لا يعني عدم وقوع الجريمة، عدا ذلك فقاعات لا تمثل قيمة ولا أهمية، وخروج البيان بعد يوم من تقديم التعازى في الإمارات لا يعطية أي حصانة ولا شرعية خاصة بعد إنتهاء قضية الأموال الاوروبية منذ فترة ليست بالقصيرة.. فلماذا كان الفيديو الأخير في هذا التوقيت تحديدا؟
ومثلما أن الرأي العام المصري لا يحفل به وكذلك الدولة العميقة فإن الرأي العام العالمي والقوي الاقليمية والدولية لا تحفل به وإن تحدث بكل لغات العالم، ذلك أن المصريين أذكى كثيرا من كل من يتاجر بٱلامه ومعاناته ولم يعودوا ينخدعون بكلام مهما كان مصدره وحيثية المتكلم، المصريون باتوا منشغلين أكثر بالأفعال التى تحفظ كرامتهم وانسانيتهم وتبدل معاناتهم فرجة وتيسيرا وعيشا كريما وبعثا للأمل في غد أفضل..
المصريون تعبوا من الكلام ويريدون أفعالا، المصريون لا يريدون بؤسا حاضرا ولا إعادة لانتاج بؤس جديد بذات الوجوه التى فقدت مصداقيتها. ومن يظن أنه مؤشر على بديل مناسب، فهو غائب العقل وبحث في الزمن الضائع واستخفاف بالناس تعدى الحدود، وهناك شهادات فساد لكم يشهد عليها الكثير ومنهم حسب الله الكفراوى قالها لي شخصيا أكثر من مرة الجريمة الكبرى، التي لا دفاع عنها، ولا براءة منها..
هي أن تحكم بلدًا ثلاثين عامًا، بانتخابات مزورة، باستفتاءات مفبركة، بتعديلات في الدستور، باللعب في القوانين، بالاستحواذ على كل السلطات، بتجاوز المعايير، بتقديم من لا يستحق، بتأخير أو تهميش من يستحق، بتفصيل الدولة والمؤسسات على مقاس ومطامح ومطامع شخص واحد قرر البقاء في السلطة طالما بقي فيه عرق ينبض..
هذه هي الجريمة الأكبر التي قوضت أركان الدولة وهدمت ركائز المجتمع وضربت منظومة القيم من جذورها، وسدت الطرق إلى المستقبل، وأدخلت البلاد والعباد في دوامات الثورة والثورة المضادة وكلتاهما زادت الأوضاع سوءًا على سوء، وسوف نظل -لأجل لا يعلمه إلا علام الغيوب- نعاني الآثار الضارة لتلك الحقبة الطويلة. للأسف الشديد نحن مازلنا في تداعيات تلك الحقبة ولم نخرج منها بعد. ولكن حين سكت أهل الحق عن الحق توهم أهل الباطل إنهم على حق.