أقوى من السلاح!
بعد أن أثبتت الدراما إنها ذات تأثير قوي في العقل والوجدان وسرعة وصولها للمشاهدين خاصة الدراما الوطنية لما تلعبه من دور عظيم في محاربة الأفكار المتطرفة وترسيخ الهوية الوطنية، كما فعل مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاثة الذي قام بتأريخ الأحداث التي جرت في السنوات الأخيرة بتسلسل واضح يشحذ همم الجمهور والأجيال الجديدة ويجعلهم فخورين بإنجازات رجال وقيادات الوطن وتعزز الهوية لديهم وقيم الانتماء وتعمق حسهم الوطني.. دونما انتظار لعشرات السنين حتى يُكتب التاريخ بالطرق المعتادة.
نجاح الدراما الوطنية
ولم تأت نسب المشاهدة العالية التي أحرزتها الدراما الوطنية من فراغ؛ ذلك أن الاختيار مثلًا جسد قضية عاشها أبناء الشعب المصري في العام الذي حكمته جماعة الإخوان، وهي أعمال درامية تحمل رسالة غالية للأجيال الحالية والقادمة على السواء؛ وهي أسرع وصولًا إليهم وتفوق أهميتها ما تؤديه وسائل الإعلام ومؤسسات الثقافة والشباب؛ بما تمارسه من تكريس لمفهوم المواطنة لدى النشء والشباب وتعزيز مفهوم الوطنية وغرس القيم لديهم عبر سرد وقائع التاريخ بانسيابية ويسر يفهمه المشاهد، ويعرف من خلالها تاريخ بلاده.
لم تعد الدراما وسيلة إمتاع وترفيه أو تسلية وتزجية وقت الفراغ ودفع الملل بل صارت قوة ناعمة لا يستهان بتأثيرها المدوي؛ ذلك أنها تتفاعل مع الناس وتلامس قضاياهم بصورة مباشرة، ولسوف تبقى قيمتها الفنية والأخلاقية والأدبية العالية التي تقتضينا –لأسباب عديدة لا تخفى- الاستزادة منها.. فقد رأينا كيف احتشدت الأسر أمام التلفاز لمتابعة تلك الأعمال الفنية الجليلة في السنوات الأخيرة التي حققت نجاحًا لافتًا..
وكنت أرجو لو عمدت الجهات المعنية لقياس أثر تلك الأعمال في أذهان المشاهدين بصورة علمية وعملية لنرى كيف يمكن لعمل درامي واحد أن يغير جذريًا أفكار كثير من الغافلين كما فعل مسلسل الاختيار الذي فضح الجماعات الإرهابية وكشف المؤامرات التي تحاك ضد مصر.. ألا يدعونا ذلك لوضع الدراما الوطنية على رأس الأولويات، وأن تواصل الدولة دعمها بعد أن أضحت خط دفاع أول لتكوين الرأي الرشيد والتوعية المستنيرة، وترسيخ الأحداث في أذهان الشباب وأبناء الوطن ولا تقل قوة الدراما عن القوة السياسية والاقتصادية وأصبحت في زماننا أقوى من السلاح نفسه وذات جماهيرية عريضة.