جمال كورليوني
في فيلم الأب الروحي حرص مايكل كورليوني، رئيس عائلات المافيا، على إلقاء بيان بالنيابة عن أسرته في مواجهة المحكمة لمحاولة تبرئة اسمه واسم عائلته من تهم القتل والفساد التي تطاردهم منذ أن أسس والده رئيس العائلة "فيتو كورليوني" هذه العائلة الإجرامية.
كان الجميع يعلم بأنه مُدان وفاسد لكن الجرائم لم تثبت عليه أبدًا، وعندما تشاهد ثباته عند إلقاء البيان قد تُعجب بشجاعته، وقدرته على مواجهة الأزمات باستخدام أساليبه الخاصة وفريق المحامين التابعين له.
وستلاحظ مثلما لاحظت المحكمة والجميع تأكيده المستمر على لقطة شجاعة حقيقية في تاريخه الإجرامي وهي بطولته العسكرية، لكنك تعلم في قرارة نفسك أنه قد صنع شبكات من المنتفعين واللصوص الذين أفسدوا المجتمع ودمروه، حتى إذا لم تتمكن الإجراءات القضائية من إدانته أو إدانتهم جميعًا، وقد لخصت هذا الأمر زوجته عندما هنأته بالانتصار رغم علمها بأنه متورط في جميع الجرائم التي حصل على براءة فيها (مايكل.. أنا سعيدة كثيرًا لأجلك.. لطالما اعتبرتك أذكى من أن تدع أحدًا يهزمك).
دهاء كورليوني
ورغم أن الجميع يعلم أن عائلة كورليوني مُدانة لأن آثار أفعالهم الفاسدة واضحة في كل ركن وحجر بالمجتمع، لكننا لا ننكر عليه قدرته على التلاعب بالقانون لتحقيق مصالحه، لذا قد يُعجب أحدهم بذكاء ودهاء كورليوني مثلما قد يُعجب البعض بسحر وجمال كورليوني عندما يتلاعب بالكلمات وصياغتها ليحول نفسه من ظالم إلى ضحية بعدما حول أعماله القذرة إلى شرعية.
ربما ننبهر أيضًا بقوة التحمل لديه رغم الأحداث والمحن المتلاحقة التي كانت لتكسر غيره، لولا قدرته على الصبر والتحمل التي يبدو أنها صفات حميدة قد اكتسبها من والده الراحل ،مثلما يثير احترامنا هذا الانتماء الذي يحمله لعائلته، وإصراره في الدفاع عنها.
ظهر كورليوني أمام المحكمة يتحدث عن رغبته في تبرئة اسم عائلته، وفي ظني أنه إذا تم ابتكار مواقع التواصل الاجتماعي في زمن إنتاج الفيلم، لربما شاهدنا مايكل كورليوني يخاطب الجمهور عبر بيان مصور ينشره عبر المواقع الاجتماعية متحدثًا بفخر عن عائلته، ومدى الظلم الفادح الذي تعرضت له، وقد يختتمه بعبارة عاطفية يوجهها إلى والده الراحل ليطمئنه قائلًا (لقد حصلنا على ورقة من المحكمة تؤكد براءة ذمة عائلتنا.. لم يستطيعوا إدانتنا.. والآن بعد أن حققنا الثروات.. وأفسدنا المجتمع.. ونشرنا السرطان، والفقر، والجهل، والتطرف، والفتن، والجوع.. سنعمل على غسيل سمعتنا.. وتهديد كل من يكشف حقيقتنا.. ارقد في سلام يا أبي).