الشيخ الشعراوي يكتب: كيف ضيعت حقوق الناس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة سبحانه: يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يقف بين يديه، فيقال: "يا بن آدم فيما أخذت هذا الدين وفيما ضيعت حقوق الناس ؟ "فيقول: يارب أنك تعلم أني أخذته فلم بكل ولم أشرب ولم ألبس ولم أضيع، ولكن آتى على يدي إما حرق، وإما سرق وإما وديعة فيقول الله عز وجل ك صدق عبدي أنا أحق من قضى عنك اليوم، فيدعو الله بشئ فيضعه في كفة ميزاته فترجع حسناته على سيئاته فيدخل الجنة بفضل رحمته " رواه الإمام أحمد في مسنده.
يفسر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي الحديث القدسي بقوله: الحق سبحانه وتعالى يقدر حركة الإنسان وتعبه وعرقه مادام قد ضرب في الأرض وسعى فيها، فالمال مال الإنسان ولكن أخا الإنسان قد يحتاج إليه ولذلك فليقرضه ويعتبر سبحانه هذا قرضا من الإنسان لله.
ونحن نجد عائل الأسرة يقول لأحد أبنائه ( بما أنك تدخر من مصروف يدك فأعط أخاك مايحتاج إليه واعتبر ذلك قرضا عندى ن صحيح ان العائل هو الذي أعطى المال لكل من يعول..فما بالنا بالذي أوجدنا جميعا وهو الحق سبحانه وتعالى.
أمر دافع للسداد
لقد وهب كل منا ثمرة عمله واعتبر تلك الثمرة ملكا لصاحبها ويعتبر فوق ذلك إقراض المحتاج إقراضا له، والحق سبحانه يحمي المقترض من نفسه فيقول تعالى في سورة البقرة: ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا ".
الله تعالى يحمى المقترض من نفسه لأنه إذا علم أن الدين مكتوب يحاول جاهدا أن يتحرك في الحياة ليسد هذا الدين ويستفيد المجتمع من حركته أيضا، فكتابة القرض أمر دافع للسداد خشية ان يتناسى المقترض القرض أو يحدث له شيء وحتى لا يضيع الحق على صاحبه.
حماية المدين أولا
إنه تشريع سماوى لحماية حقوق الناس، فلا تأخذ أحدا الأريحية فيقول لصاحبه نحن أصحاب او اخوات فقد يموت واحد منكما فإذا لم يكتب الدين حرجا فماذا يفعل الورثة والأبناء.. ومن هنا فإلزام الحق بكتابة الدين هو تنفيذ لأمر من الله لرفع الحرج بين الأحباء، ويظن الناس أن الله قصد بالكتابة حماية الدائن لا أنه يقصد حماية المدين.
والله تعالى يريد أن يسير دولاب الحياة الاقتصادية عند من لا يملك لأن من يملك يستطيع ان يسير حياته وأما من لا يملك فهو المحتاج لذلك أخذت قضية الدين اهتمام الإسلام ليحمي الدائن والمدين معا كى لا تقف حركة التعامل بين الناس.
كتابة الدين
يقول الحق سبحانه ( فإذا أمن بعضكم بعضا فيؤدي الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه )، وقال تعالى ( وإذا كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ) وذلك الرهان المقبوضة حماية للإنسان أمام ظروف ضغط المجتمع.