كيف أعادت أزمة الترحم على شيرين أبو عاقلة الزخم لقضية الإسلام ومدنية الدولة؟
منذ الأمس وهناك حالة من السعار تنتاب العديد من أنصار التيارات الدينية رفضا للترحم على الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي اغتيلت أمس برصاصات الاحتلال الإسرائيلي رغم دورها البطولي في نقل صوت الشعب الفلسطيني للعالم.
موقف الإسلاميين على السوشيال ميديا من الترحم على أبو عاقلة ــ مسيحية الدينية ــ ومزايدتهم على كل من تمنى لها السلام والرحمة، فجر حالة من الغضب على مواقع التواصل.
وأعاد التساؤل مرة أخرى حول قضية مدنية الدولة في الإسلام والتي ترفض هذه الممارسات، وتصنيف الناس بناء على عقائدهم، وهل تتضارب مع التشريع الإسلامي أم تتفق معه.
مشروع الإسلام الحضاري
يقول الدكتور محمد حبش، أستاذ الفقه الإسلامي، أن مشروع الإسلام الحضاري لا يختلف أبدًا مع بناء دولة مدنية تساوي في الحقوق والواجبات.
وأضاف حبش: كل القوانين الحضارية قائمة على المساواة والعدالة والحق بين كل أبناء المجتمع المسلم وغيره، مؤكدا أن تضمين مثل هذه القيم في القوانين ليس تفريطًا بالدين كما يزعم أنصار الإسلام السياسي الذين يطالبون بالتوبة من هذه القوانين وتحكيم رجال الدين من جديد.
وأوضح أستاذ الفقه الإسلامي أن بلادنا ذاخرة بالكبار وعظماء القانون الذين عملوا على تضمين القيم الإنسانية للعالم المتحضر في الأسس الدستورية لبلدان المنطقة دون مفارقة الشريعة، على رأسهم السنهوري باشا، أهم فقيه في القرن العشرين.
ولفت إلى أن هذا الرجل استطاع أن يؤسس لكتابة القانون المدني المصري، وقد ولي الوزارة عدة مرات في مصر، وقام بتأسيس جامعتي فاروق وجامعة محمد علي في مصر.
وتابع: نادته البلاد العربية للاستفادة من خبرته في الفقه والقانون فأسهم في كتابة القانون المدني العراقي والقانون الأردني والقانون الإماراتي والقانون السوري والقانون السوداني والقانون الليبي.
مقاصد الشريعة
واستكمل: بدون أي مبالغة نجح الرجل نجاحًا هائلًا في كتابة قوانين مدنية تستند إلى مقاصد الشريعة، وتلبي حاجات التنمية والبناء في هذه البلاد العربية، ويتم تعديلها وفق حاجات المجتمع، ولاسيما أنها لم ينتج عنها أي إقصاء اجتماعي أو تفرقة طائفية.
واختتم: السنهوري ظهر في عصر كان فيه الوطن العربي خارج للتو من الحقبة الاستعمارية وبات يبحث عن قوانين حديثة يخرج بها من قمقم الماضي دون أن يفارق مقاصد الإسلام، وحقق هذا الرجل هذا المقصد بإنتاج قوانين حضارية قائمة على المساواة والعدالة والحق، دون تفرقة بين مسلم وغيره، وهو ما نحتاجه الآن.