بـ"شوال فلوس وحلقات ذكر".. كيف استولى مستريح أسوان على أموال ومواشي الأهالي | فيديو
الفلوس زي الرز.. وربنا بعته للناس الغلابة.. كلمات أطلقها أتباع "مستريح المواشي" بأسوان لتجد لها آذانا مصغية ليس في قرى أو نجوع محافظة أسوان فقط، بل امتد صداها لقرى محافظة الأقصر وبعض قرى قنا، لتسجل سيناريو أكبر عملية نصب شهدها الصعيد الجواني في القرن الحديث.
خطة المستريح
البداية بطلها شخص يدعى مصطفى البنك الشهير بـ"مستريح المواشي"، الذي رفع شعارات رنانة في ظاهرها الرحمة وباطنها استنزاف جيوب الغلابة بحيل ماكرة.
وحيلة المستريح قائمة على إرسال مندوبين له بقرى ونجوع محافظتي أسوان والأقصر لإقناعهم بالمكسب السريع بزعم "المستريح ربنا بعته لخدمتهم" حيث بدأت الخطة في شراء المواشي بسعر مبالغ فيه وبيعها بثمن بخس، وتكالب مزارعو المحافظتين على مندوب المستريح لبيع ما لديهم من مواشٍ، وبالفعل تم رصد أسطول سيارات نقل من مركز إسنا جنوب الأقصر قدر عددهم في أحد الأيام بـ 15 سيارة، يتجه إلى حظائر المواشي التابعة للمستريح، فضلا على تكالب أصحاب المواشي بقرى ونجوع أسوان على منزل “مصطفى البنك”.
والغريب أن المستريح كان يقوم بشراء المواشي دون أن يدفع ثمنها، حيث وضع مدة زمنية محددة لا تتعدى 21 يوما لسداد قيمة المبلغ، فيما يعرف بنظام “الوعدة”، لكن رغبة البعض في الثراء السريع لم يلتفت إلى هذا الأمر فمنهم من كان يقوم ببيع ماشيته بمبلغ أضعاف ثمنها للمستريح، ثم يتحايل بطريقة أخرى لشرائها بسعرها الحقيقي، ليذهب للمستريح مرة أخرى لبيعهت بمبلغ أكبر عما اشترى به.. وكان هذا الطعم الذي استخدمه “مصطفى البنك” لكسب ثقة أكبر عدد من أصحاب المواشي.
شاهد عيان
ويروي أحد الأهالي من إسنا الذي طالما حذر الناس من نهاية ما يحدث لكن لم يجد آذانا مصغية، لدرجة أن بعضهم فاجئه بمقولة “خلي الغلابة تعيش”، وقال “في مارس الماضي بدأ اسم المستريح يتردد بقوة في قرى ونجوع إسنا بعد ظهور مندوبين للمستريح بسوق المواشي في إسنا وشراء الماشية بضعف ثمنها، وذاع صيته في أقل من شهر وبدأ اسمه ينتشر في الأقصر وأسوان لدرجة أن أصحاب المواشي يأتون إليه ويترجونه لأخذ مواشيهم وتشغيل المال لهم وإعطائهم الأرباح بعد 21 يوما”.
وتابع: "طريقة المستريح في النصب كانت مبتكرة، حيث كان يشتري منهم مواشيهم، دون أن يعطيهم مقابل البيع في وقتها بل كان يعدهم بالسداد بعد 21 يوما".
وأضاف:"إن المستريح بدأ في لعبة أخرى، حيث كان يوهم الناس بتوظيف أموالهم فيحصل منهم على الأموال مقابل سدادها بالأرباح خلال 21 يوما، فمثلا من كان يدفع ألف جنيه يعده المستريح بسدادها خلال 21 يوما 1500 جنيه أي بزيادة ٥٠٠ جنيه عن كل ألف".
وأوضح أن مصطفى البنك التزم برد الأموال مضاعفة لأول مجموعة أعطته مواشيها ورأس مالها، وبعدها نشط مندوبي المستريح وانشروا في أماكن كثيرة نظير تقاضيهم رواتب خيالية شهريا من المستريح، وأصبح كل قرية ونجع له مندوب خاص عن المستريح مسؤول عن جمع المواشي والأموال لتوظيفها.
وتابع: "مع مرور الوقت حدث تذمر بين أصحاب المواشي والأموال بعد تأخر المستريح في تنفيذ وعده لهم خلال 21 يوما وهي المدة المحددة لاسترداد أموالهم، وعندما شعر المستريح بانكشاف أمر لعب على وتر الدين، حيث أقام مجالس ذكر “حضرة”، وجمع العديد من الأهالي، لإعطائهم مسكنات، مع إصدار تعليمات لمندوبيه بنشر هذه الفيديوهات على نطاق واسع لطمأنة ضحاياه".
وأردف: "كما قام المستريح بنشر فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه مواكب سيارات قال إنها تنقل الأموال وفي طريقها لمستحقيها، لكن اتضح أنه كان يقوم بمناورة للهرب".
واختتم: انكشف أمر مستريح المواشي عندما تجمهرالأهالي أمام منزله لكن البنك سبقهم واستطاع الهرب بالأموال التي تقدر بمليار جنيه.
ومن جانبها قامت الأجهزة التنفيذية بأسوان بهدم الأحواش الخاصة بمستريح أسوان التي كان يضع فيها المواشي.
استشهاد لواءي شرطة
وتنتهي فصول القصة بنهاية مأساوية، حيث استشهد ضابطين رفيعي المستوى بقطاع الأمن العام ومجندين بطريق الصحراوى بإدفو أثناء مطاردة مستريح أسوان.
وتلقت غرفة عمليات النجدة تلقت إخطارًا يفيد بوقوع حادث مروري على الطريق الصحراوي بمركز إدفو شمال محافظة أسوان.
وبالفحص تبين استشهاد لواءي شرطة ومجندين إثر انقلاب سيارة أمن عام، وذلك بعد عودتهم من تأدية عملهم بمركز إدفو، متوجهين إلى مدينة أسوان.
وعلى الفور تم نقل المتوفين إلى المشرحة إدفو، وإخطار النيابة العامة لتولي شئونها.
وضمت قائمة الشهداء الضابطين اللواء منتصر عبد النعيم وكيل قطاع الأمن العام، واللواء أحمد محيي مساعد منطقة جنوب الصعيد لقطاع الأمن العام، والمجندين أحمد صديق وسعودي شعبان.
النيابة تحقق
أكد مصدر مطلع بمباشر النيابة العامة التحقيقاتِ في تلقى أحد الأشخاص مبالغَ مالية ضخمة من المواطنين بزعم توظيفها بالمخالفة للقانون.
وأمرت النيابة بضبط وإحضار مصطفى البنك وشهرته مستريح أسوان، وذلك في ضوء ما تبين للنيابة من قيامه بالحصول على أموال ضخمة من المواطنين بصعيد مصر، وعدد من المناطق الأخرى بزعم توظيفها في استثمارات مالية تدر عوائد مالية شهرية كبيرة عليهم، والاستيلاء على تلك الأموال وعدم ردها.
وأشار المصدر لـ"فيتو" إلى أن قرار الضبط وإحضار المتهم جاء في ضوء ما تبين لها من واقع البلاغات المتعددة التي تلقتها من أعداد من المواطنين.