حكم نهائي.. الغش بالمحمول يوجب الرسوب في جميع المواد وحظر دخول الطالب للامتحان
أيدت المحكمة الإدارية العليا بشهادة صادرة من الجدول بعدم الطعن على الحكم القضائى الذى يعيد الانضباط داخل قاعات الامتحانات بلجان الثانوية العامة الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة القاضى المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار مديرية التربية والتعليم بالبحيرة بإلغاء امتحان الطالب (ع.ع.أع) في جميع مواد امتحانات الدور الأول بمرحلة النقل بالثانوية العامة وحرمانه من دخول امتحانات الدور الثاني لحيازته تليفون محمول أثناء أداء الامتحان والغش منه وإثارته الشغب والفوضى داخل اللجنة بسب الدين للمراقبين مع اعتباره عام رسوب يحسب ضمن عدد مرات التقدم لأداء الامتحان، وأصبح هذا الحكم نهائيًا وباتاَ.
وذكرت المحكمة أن رسالة التعليم هي علاقة بالغة الأثر عظيمة الشأن، لا يقتصر نطاقها على أطراف العملية التعليمية وحدها وهم الجهات والمؤسسات القائمة على التعليم، والطالب والمعلم، بل يمتد ذلك النطاق ليشمل الأسرة أيضًا. ولكل طرف دورٌ يؤديه في إطار تلك الرسالة السامية حتى تؤتي ثمارها، فتنتج جيلًا قويمًا متسلحًا بقوة العلم ودرع القيم والأخلاق، وأن الطالب الذي يعتاد الغش سلوكًا في حياته التعليمية إنما يرتكب جُرمًا في حق نفسه وحق المجتمع، لأن الغش خيانة للنفس وخيانة للآخرين. فهو نوع من السرقة، ورغبة في تجاوز الامتحان دون أدنى مجهود، وظاهرة جد خطيرة وغير حضارية نهت عنها الأديان السماوية، وأصبح الطالب يعتاده في حياته الدراسية، ثم يتحول هذا السلوك إلى منهاجٍ له في حياته العملية مستقبلًا.
وأوضحت المحكمة أن العملية التعليمية يصادفها من المشكلات والعوائق ما يحول دون تحقيقها لأهدافها، وأهم تلك العوائق ظاهرة الغش في الامتحانات، التي أخذت في التنامي في الأعوام الأخيرة بعد أن تغيرت القيم السائدة في المجتمع وأصبح ما كان مذمومًا في الماضي، سلوكًا مقبولًا وعاديًا لدى البعض، بل وتولد الإحساس لدى الطالب بأن الغش هو حق له لا يجب التنازل عنه، وساعد على ذلك معاونة الأهل وأولياء الأمور أحيانًا لأبنائهم على ارتكاب تلك الجريمة والتي وصلت إلى حد استخدام العنف في بعض الأحيان لمساعدة أبنائهم على ذلك، في صورة تُجَسّد ترديًّا في القيم الأخلاقية أصاب المجتمع، وضعفًا في الوازع الديني والأخلاقي واستحلالا لكل وسيلة وصولًا إلى هدف الغش ولو على حساب مصلحة المجتمع وقِيَمِه.
وأضافت المحكمة أن أساليب الغش في الامتحانات تنوعت وتعددت صورها، واستخدمت فيها التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت تشكل وسيلة فعّالة بل أصبحت أفضل الأساليب التي يمكن استخدامها في الغش، ويمثل استخدام الإنترنت والهواتف المحمولة مثالًا صارخًا على ذلك، بعد أن ذاع استخدامها بشكل كبير في ارتكاب الغش في الامتحانات، نظرًا لسهولة حملها وسرعة تداول المعلومات من خلالها.
وأوضحت المحكمة أن الثابت أن الطالب قام بأعمال الشغب داخل لجنة الامتحان أثناء أداء امتحان مادة الأحياء، وكان يحمل جهاز التليفون المحمول للغش منه وقيامه بقلب المنضدة الخاصة به الاعتداء بالقول بتوجيه عبارات ( سب الدين ) للملاحظين وهى ثابتة في حقه ثبوتًا كافيًا ويقينيًا أخذًا بأقوال الشهود وأحدث حالة من الفوضى داخل اللجنة تسببت في عدم قدرة بعض الطلبة داخل اللجنة على استكمال الامتحان، مما يستأهل توقيع الجزاء المقرر لذلك الفعل وهو إلغاء امتحان الطالب في جميع المواد، والحرمان من دخول امتحانات الدور الثاني واعتبار العام الدراسي عام رسوب له.
وانتهت المحكمة أنه لا يفوتها أن تشير – وهى جزء من نسيج الوطن - وقد كشفت الدعوى الماثلة عن أزمة تدني الأخلاق لدى بعض طلبة المدارس، حتى باتت كارثة تربوية تحتاج من المتخصصين في التعليم التشخيص والعلاج، بعد أن أصاب الفشل دور المعلم وإداراة المدرسة، والطلاب وأولياء الأمور، وأصبحت معه منظومة التعليم فى مصر فى خطر جلل يستلزم استنهاض همم الأجهزة التعليمية والتنفيذية والتربوية لتغيير النظام التعليمى الذي كفل الدستور مجانيته، فلم يعد أمرًا مقبولًا أن ينال حظًا من مجانية التعليم من انحدرت بهم أخلاقهم وتندى بهم سلوكهم إلى الدرك الأسفل ولم يعيروا احترامًا للمعلم أو المدرسة. فضلًا عن ضرورة إعادة دور المدرسة، وإعداد المدرس إعدادا جيدًا، واتباع الطرق الحديثة غير التقليدية لوضع الامتحانات، لتختبر قدرات الطلاب وتبتعد عن نمط التلقين والحفظ حتى يمكن السيطرة على ظاهرة الغش داخل المدارس، وملاحقة ركب التطور فى مجال البرامج التعليمية وأسس تقديم المناهج بما يناسب روح العصر وما يواكب التكنولوجيا.