"مقامات ومزارات".. ذو النون المصري.. رائد التصوف في مصر.. ومعاناته من المؤامرات
تقدم "فيتو"، يوميًّا، عبر موقعها الإلكتروني، ومنصاتها المختلفة، برنامج "مقامات ومزارات"، والذي يعرض لمحات مضيئة من حياة آل البيت والصحابة، والأولياء، والعلماء، الذين احتضنتهم أرض مصر.
تتناول حلقة اليوم من البرنامج، الذي يعده ويقدمه الكاتب الصحفي محمد أبو المجد، ومن تصوير سيد حسن، جوانب من حياة العالم والفقيه، والرجل الصالح أبو الفيض ذو النون ابن إبراهيم الأخميمي المصري.
حياة اللهو
وُلد عام 179 هجرية، الموافق 796 ميلادية، وعاش في البداية حياة اللهو والملذات.
لكنه صار بعد ذلك متصوفًا ومحدثًا وفقيهًا وفيلسوفًا.
روى الحديث عن مالك بن أنس والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة.. من أقطاب المتصوفين، ويعد في منزلة الجنيد البغدادي، وأبو يزيد البسطامي، وينسب إليه أنه أول من تناول ترتيب المقامات والأحوال، ويعده الصوفيون مؤسس طريقتهم.
مأثورات
يقول ذو النون: الفساد يدخل فى السالك من ستة أشياء، الأول ضعف النية بعمل الآخرة، الثاني الحرص فى الشهوات، الثالث طول الأمل مع قرب الأجل، الرابع اختيار رضا الخلق على رضا الخالق، الخامس متابعة الهوى والبدعة وترك السنة والشريعة، السادس أن يجعل زلات اللسان حجة له وينسى مناقبهم، ويظهر الفساد بذلك بين الخلق.
حفظ القرآن الكريم، وانفتح على دراسة المذاهب كلها، لكنه تأثر بموطأ الإمام مالك، ودرس العلوم على يد علماء أجلاء في ذلك الوقت، ويجمع العلماء على أن الرجل قد جعل مصر على موعد مع التصوف، فقد كان أول الذين تكلموا بكلام الصوفية فيها، حيث تحدث بعلوم المقامات والأحوال.
مؤامرات الأعداء
وعلى الرغم من ذلك فقد كان ذو النون من المعتدلين في المذهب الصوفي، فلم تعرف عنه تلك الشطحات التي ارتبطت ببعض المتصوفة، لكن الكيد ذهب بالأعداء والخصوم حد أن شكوه إلى الخليفة المتوكل، بعد أن أوغروا صدره تجاهه، فاستدعاه المتوكل إليه في عاصمة الخلافة العباسية، فلما دخل عليه ذو النون قام بوعظه وسرد له قصصًا مؤثرة في الدين، فبكى المتوكل، وقام يخطو حتى عانقه، وقال له: "أتعبناك يا أبا الفيض".
أغمض ذو النون عينيه للمرة الأخيرة في عام 245 هـ، 958 ميلادية بالجيزة، عن عمر ناهز 66 عامًا، وحُمِل في قارب مخافة أن ينقطع الجسر من كثرة من شيعوا جنازته.