براءة الثورة العرابية.. سياسة سعيد باشا سهلت التدخل الأجنبي في شؤون مصر
يحمل البعض الثورة العرابية التي اندلعت عام 1882، ومثلت أول تطلعات قومية في هذا الزمان مسؤولية احتلال مصر بسبب صدامية العرابيين وعدم تقديرهم قوة الخصم، لكن روايات التاريخ تؤكد أن التخطيط لاحتلال البلاد أبعد من ذلك، إذ بدأ في مثل هذا اليوم من عام 1855 عندما قرر حاكم مصر سعيد باشا إنشاء مجلس تجار مختلط من المصريين والأجانب.
كان المجلس بداية التدخل الحقيقي، إذ تسربت اختصاصاته وتوسعت بشدة وطالت منظومة القوانين وكل شيء، لتفتح الباب للأجانب وتعطيهم أول مبررات التدخل في شئون البلاد تمهيدا لاحتلالها كما حدث بعد ذلك.
عن سعيد باشا
هو محمد سعيد باشا، من مواليد 1822 من سلالة الأسرة العلوية، تولى الحكم من 24 يوليو 1854 إلى 18 يناير 1863 تحت حكم الدولة العثمانية، وهو الابن الرابع لمحمد علي.
تلقى تعليمه في باريس وكان ذا نزعة غربية، وشهدت مصر في عصره بدايات التدخل الأجنبي عن طريق القروض الأجنبية وامتياز قناة السويس، حيث اعتمد سعيد على رؤوس الأموال الأجنبية لتنفيذ مشروعات ذات نزعة غربية في مصر، فاستدان من البيوت المالية الأوروبية وبذلك بدأت الأزمة المالية.
حصل في 1862 على أول قرض من أحد البنوك البريطانية، ثم اندفع سعيد باشا بعد ذلك في الاستدانات فلجأ للمرابين يستدين منهم مقابل سندات على الخزانة المصرية، كما منح امتياز قناة السويس بشروط مجحفة على مصر لديلسيبس.
ترتب على سياسته فتح باب التدخل الأجنبي في شئون مصر بسبب ارتباك الميزانية المصرية وتوريط البلاد في الاستدانة من البنوك الأجنبية بقروض لم تستفاد منها مصر شيئا في تلك الفترة، وعاشت مصر تحت حكمه ضغوط شتى إلى أن توفى عام 1863 وترك السلطة للخديوي إسماعيل.
لا يتبق من سلالته حتى الآن إلا الأمير محمد فاروق شريف، وهو الحفيد الأكبر لأحمد شريف باشا ابن محمد سعيد، يعيش في الإسكندرية في منطقة سابا باشا وتزوج من الأميرة نجوى وأنجب منها الأمير شريف والأميرة منى ويعيشون في منطقة جليم بالإسكندرية.
عن الأسرة العلوية
سلالة مصرية ذات أصول ألبانية أسسها محمد علي باشا من الباشوات والخديويات من نواب السلطان حكمت في مصر تحت السلطة الاسمية للعثمانيين ما بين 1805 – 1914، ثم تحت الحماية البريطانية ما بين 1914 - 1922، وبعد استقلال مصر في 28 فبراير 1922، إلى أن أطيح بحكمها عام 1952 إثر ثورة يوليو.
استطاع مؤسس السلالة محمد علي باشا أن يستقل بمصر عن العثمانيين، وتمكن حفيده إسماعيل أن يجسد جهود أجداده فأصبح استقلال مصر فعليًا، وواصل الخديوي توفيق ثم حفيده عباس حلمي باشا الثاني على هذا الطريق وكمّلا بناء الدولة الحديثة.
وبسبب المشاريع الضخمة مثل قناة السويس، وبناء السكك الحديدية والمتاحف، ومحاولة تقليد نظام أوروبا الحضاري، أصبحت مصر مدينة بأموال ضخمة لكبرى القوى الأوروبية (فرنسا وبريطانيا).
كان ذلك السبب المباشر لدخول القوات البريطانية إلى مصر سنة 1882، ثم أصبحت البلاد منذ 1914 تحت الحماية البريطانية، وأدت هذه الأوضاع إلى قيام العديد من الثورات الشعبية ضد الاحتلال.
في عام 1914 أصبحت مصر سلطنة وحكم بأركانها كل من حسين كامل وفؤاد الأول الذي أسس ملكية انتهى عهدها في مصر مع قيام ثورة يوليو سنة 1952 وتمت الإطاحة بالملك فاروق الأول وإعلان جمهورية مصر.