مقامات ومزارات.. قصة أول صحابي يصدر فتاوى في مصر
تقدم "فيتو"، عبر الموقع الإلكتروني، ومنصاتها المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، برنامج "مقامات ومزارات"، وذلك يوميًّا، طوال شهر رمضان الكريم، في الواحدة ظهرًا.
تستعرض حلقة اليوم من البرنامج، الذي يقدمه الكاتب الصحفي محمد أبو المجد، ومن تصوير سيد حسن، لمحات من حياة الصحابيُّ الجليل عقبة بن عامر الجهني، أول من تصدر للفتوى بمصر، وأشهر من أفتى بها من الصحابة.
وعقبة بن عامر هو صحابي ومحدث وشاعر، وهو آخر من جمع القرآن، تولى إمارة مصر لمدة سنتين وثلاثة أشهر، إلى أن صرف عنها (667م) وتوفي سنة 678، واهتم بإنشاء هذا المسجد على ما هو عليه والي مصر الوزير محمد باشا السلحدار.
قبة عقبة
وبالقبة قبر عقبة، وهي في الركن الغربي القبلي للمسجد، وتعتبر من أجمل وأكبر القباب التي أُنشئت في العصر العثماني.
توفي عام 58 من الهجرة، وبني له مسجد حوله مدفنه بشارع عقبة بن عامر، خلف مسجد الإمام الليث بن سعد، رضي الله عنه، ليعد أول من دفن بقرافة المقطم.
روى الإمام مسلم بسنده عن عقبة بن عامر: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وأنا في غنم لي أرعاها فتركتُها، ثم ذهبتُ إليه، فقال: بايعني، فبايعته على الهجرة)، وذكر ابن سعد في الطبقات، أنه عندما بايع عقبة النبي صلى الله عليه وسلم سأله النبي: (بيعة عربية تريد أم بيعة هجرة؟ فقال: بل بيعة هجرة، فبايعني على الهجرة وأقمت).
رديف النبي
شرف عقبة بخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأخذ بزمام بغلته، ويقودها في الأسفار، وربما أردفه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، خل ظهره، حتى سمي "رديف النبي".
وكان عقبة قارئًا فقيهًا عالمًا بالفرائض، شاعرًا فصيح اللسان، وقائدًا من قادة الفتح المرموقين، وواليا من ولاة الإسلام المعدودين.
وقد جعل عقبة همه في أمرين اثنين؛ العلم والجهاد، وانصرف إليهما بروحه وجسده، وبذل لهما من ذاته أسخى البذل وأكرمه.
ترتيله للقرآن
وكان عقبة من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، فتصغى لترتيله أفئدة الصحابة الكرام، وشهد رضي الله عنه مع رسول الله أُحدًا، وما بعدها من الغزوات، وكان أحد الكماةِ الأشاوس المغاوير، الذين أبلوا يوم فتح دمشق أعز البلاء وأعظمه، فكافأه أبو عبيدة بن الجراح على حسن بلائه بأن بعثه بشيرًا إلى عمر بن الخطاب في المدينة ليبشره بالفتح، فظل ثمانية أيام بلياليها من الجمعة إلى الجمعة يغذُّ السير دون انقطاع، حتى بشر الفاروق بالفتح العظيم.
ثم إنه كان أحد قادة جيوش المسلمين التي فتحت مصر فكافأه معاوية بأن جعله واليا عليها سنتين وثلاثة أشهر، ثم وجهه لغزو جزيرة رودس في البحر الأبيض المتوسط، وشارك في حصار القسطنطينية.
أحاديث الجهاد
وقد بلغ ولع عقبة بالجهاد أنه وعى أحاديث الجهاد في صدره، واختُصَّ بروايتها إلى المسلمين، كما كان عقبة من رواة الحديث، وروى عنه من الصحابة: جابر، وابن عباس، وأبو أمامة، ومسلمة بن مخلد، وأما رواته من التابعين فكثيرون.
ولما مرض عقبة مرض الموت جمع بنيه فأوصاهم فقال: يا بنيَّ؛ أنهاكم عن ثلاث فاحتفظوا بهن: لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة، ولا تستدينوا ولو لبستم العباء (كساء مفتوح من الأمام)، ولا تكتبوا شعرا فتشغلوا له قلوبكم عن القرآن.