حوارمع مبارك 4
كنت قد تأخرت على مبارك بعد اللقاء الأول بيننا، والذي انتهي بوداع حميم، بعد سرد لذكريات مهمة عن حياته وبدايته مع الجيش وعلاقته بالضباط الأحرار.. ذهبت إليه وكانت ذقني "نابتة" إلى حد كبير.
كنت أعلم أن مبارك يهتم بالبروتوكلات جدا، فقد تواتر إلى أنه كان يطلب من مراسم رئاسة الجمهورية أن ينبهوا على الوزراء بألا يرتدون ملابس وخصوصا الأحذية والكرفتات تشبه ما سيلبسه.. كان يصلهم مظروف من الرئاسة عليه خاتم "سري للغاية" فيه ما سوف يلبسه الرئيس وأن تخالف ملابسهم ملابسه.. فالرئيس لابد أن يكون مميزا.. فما بالكم وأنا ذاهب إليه نابت الذقن.
استقبلني وهو ينظر إلى مندهشا "ما جتش الأسبوع اللي فات وكمان دقنك طويلة"..
قلت وأنا أبتسم "لسه جاي من التحرير ياريس"..
ضحك مبارك.. أول مرة أري مبارك يضحك.. ثم صمت وهو يشير لي بيده للثلاجة.. أخرجت علب العصير وصببت لي وله وقلت بهدوء وأنا أصب العصير: "شايف المشهد إزاي ياريس"؟
كنت أحافظ على كلمة ـ ريس ـ مثلما طلب "أولا عرفتوا ليه كنت بابعد الإخوان عن أي مناصب، مش هيعرفوا يشتغلوا، وزي ما قولت هيبدأوا بالتمكين من مفاصل ومؤسسات الدولة الأول وبعد كدة يبدأوا يشتغلوا، ثانيا كان واضح أن الشارع مش هيهدا أبدا بعد 25 يناير أي قرار مهما كان هيطلع ليه معارضين، ثالثا ما تخفوش من أمريكا ليها مصالح كتير هنا واحنا حجر الزاويا في المنطقة، وبالتالي مش هتقدر تخسر مصر يعني مش هتتدخل إلا في حدود التصريحات والتحركات الدبلوماسية وكدة لكن عسكريا خطر جدا، مش هتقدر تعمل مستنقع العراق مرة تانية أو فيتنام"..
كان مبارك يتكلم بلهجة الرجل العسكري الدبلوماسي العارف والعالم بكل شىء.. ذهن حاضر.. كلمات محددة "بس أمريكا بتهدد وأوباما.."
"أوباما رئيس أمريكا صحيح، لكن في أكتر من مركز لصنع القرار في أمريكا.. الكونجرس، المخابرات، الأمن القومي، البنتاجون وغيرها وكل دول بيدوا البيت الأبيض تقارير واقتراحات وأحيانا بيضغطوا على البيت الأبيض علشان يوقف قرارات أو يعدلها حتى.. واحنا لينا أصدقاء كتير في أمريكا.. من أمريكا ما تقلقش.. قناة السويس لو قفلت أمريكا هتشحت".
رشف مبارك من العصير "الناس اللي نزلت التحرير والاتحادية أكتر من اللي نزلوا علشان امشي".. "الخوف سقط خلاص".. "الإخوان قدروا يجمعوا تاني الشرطة والجيش والقضاء مع الشعب.. حتي لو فيه لسه ناس بتناصر الإخوان.. دي حلاوة روح.. سيبك من اللي في رابعة.. عارف.. أنا كان ممكن أفضل في الحكم لحد النهاردة.. كان عندي أكتر من خطة لوقف المظاهرات وفض التحرير..".
قلت وأنا أحاول استفزاز مبارك "معقول.. إزاي"؟!
تراجع مبارك في كرسيه وقال ببساطة "هقولك"..