سر التمرد على السلطان عبد الحميد الثاني وإنهاء الخلافة العثمانية
السلطان عبد الحميد الثاني، أحد الشخصيات التاريخية التي تأرجح الحكم عليها في الدولة العثمانية، من رجل مظلوم جرى التحامل عليه، إلى اتهامات لا حصر لها بالاستبداد والفساد، وفي حياة الرجل الكثير من المواقف الصعبة التي تعرض لها مثل ما جرى له في مثل هذا اليوم من عام 1909، حيث تحركت لأول مرة وحدات من الجيش العثماني المؤيدة لجمعية الاتحاد والترقي ودبرت عصيان كامل ضد السلطان عبد الحميد وانتهت الأحداث بخلعه في 27 أبريل.
من هو عبد الحميد الثاني
هو خليفة المسلمين الثاني بعد المائة والسلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، والسادس والعشرون من سلاطين آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة، وآخر من امتلك سلطة فعلية منهم، وتقسم فترة حكمه إلى قسمين: الدور الأول وقد دام مدة سنة ونصف ولم تكن له سلطة فعلية، والدور الثاني وحكم خلاله حكمًا فرديًا، يسميه معارضوه "دور الاستبداد" وقد دام قرابة ثلاثين سنة.
تولى السلطان عبد الحميد الحكم في 10 شعبان 1293 هـ - 31 أغسطس 1876، وخُلع بانقلابٍ في 6 ربيع الآخر 1327 هـ - 27 أبريل 1909)، ووُضع رهن الإقامة الجبريَّة حتّى وفاته في 10 فبراير 1918م وخلفه أخوه السلطان محمد الخامس.
أطلقت عليه عدة ألقاب منها "السُلطان المظلوم"، بينما أطلق عليه معارضوه لقب "السُلطان الأحمر"، ويضاف إلى اسمه أحيانًا لقب الـ "غازي" بسبب اعتماده على الحكم الفردي والاستبداد في إدارة الدولة، ومع ذلك يعتبره أنصاره رجل دولة حقيقي، حيث استمر تحديث الإمبراطورية العثمانية خلال فترة حكمه، بما في ذلك إصلاح البيروقراطية، وتمديد سكة حديد روميليا وسكة الأناضول، وبناء سكة حديد بغداد وسكة الحجاز.
كما أسس أنظمة التسجيل السكاني إلى جانب أول مدرسة محلية في عام 1898 والمدارس المهنية في عدة مجالات بما في ذلك القانون والفنون والمرفقات والهندسة المدنية والطب البيطري والجمارك، ومُددت شبكة من المدارس الثانوية والاستدالية والعسكرية في جميع أنحاء الإمبراطورية.
كواليس خلعه عن الحكم
يؤكد الكثير من المؤرخين أن عملية خلع السلطان عبد الحميد مدبرة بالكامل من قبل القوميين ولكن بمساعدة من بريطانيا ويستشهدون بضخامة الحوادث التي دبرت لهز عرش السلطان مثل قتل "إسماعيل ماهر باشا" والصحفيين المعارضين لهم أحمد صميم بك وحسن فهمي بك.
وفي نفس الوقت ارتفعت معدلات الجريمة وتزايدت يومًا بعد يوم، ما أثار الرعب في صفوف الشعب التركي وتحت هذه الأجواء انطلق الجنود القادمين إلى إسطنبول من الجيش الثالث وأعلنوا التمرد وطالبوا أمام جامعي آيا صوفيا والسلطان أحمد بعزل الصدر الأعظم حسين حلمي باشا ورئيس مجلس المبعوثان "أحمد رضا بك" وانضم لهم حشود من أصناف الشعب.
تعددت الاتهامات للسلطان عبد الحميد بالإسراف والظلم وسفك الدماء، لتنتهي الأحداث بخلعه ونفيه إلى مدينة سالونيك مع مرافقيه وعائلته، ولم يُسمح لأحد منهم بأخذ مستلزماته ومرفقاته كما صودرت كل أراضيه وأمواله، وبقى تحت الحراسة المشددة حتى توفي عام 1918.