السطور الحزينة في رواية الحياة
قُمْ وانهضْ من عثرتك سريعًا. لا وقت للبكاء والندم. لا تستسلمْ ولا تخضع؛ فالاستسلامُ سمتُ العجزة، والخضوعُ شيمة الضعفاء. اعلمْ أنَّ الحياة ليستْ أكثرَ من غابة كبيرة. البقاء فيها للأقوى، ولا مكان فيها للحالمين. اصنع مجدَك بنفسك، ولا تتخلَّ يومًا عن حُلمك، ولا تنتظر من أحد أن يُسهمَ معك في صناعة مجدك وتحقيق حلمك. هم فقط قد يحتشدون لهدم كل ما بنيتَ وشيدتَ.
ما لأحدٍ عليك مِنَّة. الفضلُ يعودُ إلى هزائمِك الكثيرة والصفعاتِ التى تتلقاها مرارًا. مَن يقول: إنه ساعدك فى فهم حياتك، لا يعرفُ شيئًا، الحياةُ لصاحبها. علمتنى الحياةُ كيفَ أواجهُ صِنفًا لا يفكرُ إلا فى نفسِه، وصِنفًا لا يجيدُ سوى الخذلان، وصنفًا ينكر المعروف، وصنفًا يكرهُ الحقَّ، وصنفًا يقدسُ الباطلَ، وصِنفًا يجدُ في إلحاق الأذى بالآخرين نصرًا مبينًا، وصنفًا يعيش على جهد غيره وينسبه إلى نفسه ويتاجرُ به.
الرزق الحرام ليس سرقة مال الغير فحسب، ولكنه يمتدُ إلى سرقة تعبه واستباحته. سوف يؤذيك أكثرُ شخص وقفتَ إلى جواره وساندته بقلبك؛ لذا فلا تصنع الخيرَ إلا لمن يستحقه. لا تكن ساذجًا، فتصنع الخير وترميه في البحر، كما يقولُ المثلُ الشائعُ، ولكن أجعل خيرك لمن هو جديرٌ به، أو احتفظ به لنفسك؛ فسوف تحتاجُه يومًا ما.
ستصفعُكَ الحياة مرارًا وتكرارًا، وسوف تأتيك الصفعاتُ من أقرب الناس لك، ولكن تعلَّمْ كيفَ تنهضُ بنفسك، ولا تعتمد على غيرك، ولا تُحمِّلْ أحدًا همومَك، فليس كلُّ الناس تتمنى لك الخيرَ. بل إنَّ معظمهم يرجو لك السقوط والانكسار. لا تتوقع شيئًا من أحد، وسترى كلَّ من حولك بصورةٍ أجملَ؛ لأنَّ أغلبَ خيباتِ الأمل تأتى من ارتفاع سقفِ التوقعات. لا تندفع بمشاعرك نحوَ أحد؛ فتدفعَ الثمنَ غاليًا. ولا تبخلْ بكلماتك الطيبة، فتفقد قلوبًا تحتاجُها أو تحتاجك، فالقلوبُ الطيبة على أشكالها تقعُ أحيانًا وليس دائمًا.
لا تعاتبْ على كل شئ، فيُتعبكَ كلُّ شيء. لا تخسر قيمتك بكلمةٍ، ولا تفقد احترامك بزلَّةٍ، ولا تجعلْ همَّك فى الدنيا حُبَّ الناس لك؛ فالناسُ قلوبُهم مُتقلبة، قد تحبُك اليومَ، وتكرهًك غدًا. الناس تحبك لمصلحة، فإنْ تحققتْ المصلحة ذهبت المحبة. الحياة لا تُعطى دروسًا مجانية لأحد، فحينما تقولُ: إنَّ الحياة علمتنى، حينئذٍ تكونُ قد دفعتُ الثمنَ. كلُّ صفعةٍ تعلمك درسًا، وكلُّ سقوطٍ يُدربك على الوقوف جيدًا، وكلُّ تجربةٍ قاسيةٍ تُخلفُ لك تذكارًا من الحِكمة، وكلُّ طعنةٍ تزودُك بالثباتِ أكثرَ.
قيمة الحياة
حتى لا تؤلمك الحقيقة يومًا.. انصح ولا تفضح، وعاتبْ دونَ أن تجرحَ. عاملْ الشخصَ على حاضره، وليسَ على ماضيه، وعلى عقله وليس عمره. إن لم تنفع أحدًا فلا تضره. إذا توهمت أن إضرارَ الناس قوةٌ، فاعلم أنك شديد الضعف والهوان والجُبن، واستعن فورًا بطبيب نفسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الصمتُ يُكسيك ثوبَ الوقار ويكفيك مؤنة الاعتذار. وكثرة الكلام توردُك مواردَ الزلل، وتقودُك إلى مواقع الخلل. الصمتُ خُلقٌ دينيٌّ رفيعٌ، ودليلُ على حُسن الإسلام وكمال الإيمان. أمَّا الثرثرة فهي داءٌ خطيرٌ ووباءٌ ثقيلٌ. اجعل قانونك الدائم: "فلتقل خيرًا أو لتصمت". لا تشغلْ نفسَك بشؤون غيرك، ولا تُقحمها في خصوصيات أحد، ولا تتطفل على الناس، ولا تترصد أخطاءهم؛ فهذا ليس من المروءة في شيء، كما إنَّ من حُسن إسلام المرء تركَه ما لا يعنيه.
الحُبُّ ليسَ للحبيبِ الأول أو الثانى أو غيرهما، الحبُّ لمن اهتمَّ بك وأوفى وصدق في مشاعره، ولمن إذا أردته فى كل مرةٍ أتى. الحبُّ للحبيب الأفضلِ وليس الأول. في زمنٍ كالذي نعيشه..قد يغدو الحب وهمًا أو أسطورة أو خدعة أو كذبة كبيرة. في أزمانٍ غابرةٍ.. كان هناك: "عنترة" و"جميل" و"كُثير"، أما الآن فنحنُ في عصر محاكم الأسرة وقتل الزوجات ونحر الأزواج ومعدلات الطلاق القياسية!
لا تضع لنفسك منزلة عالية فى قلوب الناس، ولا تتوقع منهم تضحية لأجلك؛ فالقليلون فقط مَن يُضحُّون من أجل غيرهم دون أن يترقبوا جزاءً أو شكورًا. كن قويًا؛ بحيث تستغنى عن كل الناس؛ ففى الاستغناء عزة، وفي التخلي شموخ. الاستغناءُ والتخلي يمنحان المرءَ عُمرًا مديدًا وإنْ قلّتْ سنواتُه.
الإنسانُ المُتخَمُ بالتجارب السيئة يفتقدُ إلى حُسنِ النية رغمًا عنه. الحياة لا تُعطينا كلَّ مَن نحب، ولكن من يحبوننا بصدقٍ، هم من يُعطوننا الحياة. لا تندم أبدًا على معرفة شخص فى حياتك، فالناسُ الجيدون يعطونك السعادة، والناسُ السيئونَ يُعطونك التجربة.
الحياة يمكنُ أن تكونَ رواية جميلة، عليك قراءتها حتى النهاية، فلا تتوقفْ أبدًا عند سطر حزين؛ فقد يكونُ السطرُ الذى يليه جميلًا. عشْ كلَّ لحظةٍ وكأنها آخرُ لحظة، عشْ بحُبك لله عزَّ وجلَّ، عِشْ بالتطبُّع بأخلاق الرسول الكريم، عِشْ بالأمل، عِشْ بالكفاح وعزة النفس، عِشْ بالصبر، عِش بالحب، وقدِّرْ قيمة الحياة، فالحياة لصاحبها.
الموتُ أقوى من العقل. ليس للموتِ كتالوج؛ صغارٌ يغادرون مبكرًا، وكبار يُعمِّرون. أصحَّاءٌ يباغتوننا بالرحيل، ومَرضي يشيخون. الحياةُ ليستْ نصرًا؛ الحياةُ مُهادنةٌ مع الموتِ، كفى بالموتِ واعظًا. كلُّ الذين ماتوا نجوَا من الحياة بأعجوبةٍ. قاسيةٌ تلكَ الحياةُ، فاللهم كُن لنا سندًا وعونًا، ولقلوبنا عونًا، ولأرواحنا حياة.