لبنان بين تصريح الإفلاس وخطة ميقاتي لتعافي الاقتصاد.. القصة الكاملة لأزمة بيروت
تعيش لبنان في خضم ظروف اقتصادية طاحنة شهدت مداها بعدما أعلن نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي إفلاس الدولة اللبنانية، ليعود من جديد ويعلن أن تصريحاته تم اجتزاؤها وخرجت من سياقها؛ لتتجدد جراح لبنان بعدما تسبب تصريح الشامي في حالة من اللغط، خاصة أن مثل هذا الإعلان يمثل كارثة حقيقية على الاقتصاد اللبناني والذي يعاني بالفعل ضربات قاسمة.
وبينما نفى الشامي التصريحات المتداولة على لسانه حول لبنان قائلًا في تصريحات صحفية مساء اليوم الإثنين، إن حديثه المتداول عن إفلاس لبنان تم اجتزاؤه من سياقه، وأنه ليس معنيًّا بإعلان هذا الأمر، أنهى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حالة اللغط بعدما أعلن أن ما تم تداوله حول إفلاس المصرف المركزي غير صحيح.
ليعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إعادة هيكلة القطاع المصرفي، مؤكدًا إنجاز خطة التعافي الاقتصادي في بيروت من خلال الاجتماع الرابع لـ"إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار 3RF" لتعافي لبنان الاقتصادي، بتنسيق مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وقال ميقاتي بحسب “روسيا اليوم” في مستهل الاجتماع إن "هذا المشروع وجد لمواجهة التحديات التي تعرَّض لها لبنان وفي مقدمتها الأزمة المالية والاقتصادية، ووباء كورونا، وانفجار مرفأ بيروت، وأضيفت إليها اليوم تداعيات الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي والطاقة".
وتسبب تأخير حصول لبنان على قرض صندوق النقد الدولي في حالة من الضغط المالي الشديد على بيروت بلغت مداها بعدما أعلن نائب رئيس الحكومة إفلاس الدولة اللبنانية قبل أن يتراجع ويعلن أنه غير معني بهذا الأمر.
وبعد حالة اللغط التي سببتها لبنان تساءل عدد كبير عن الأسباب التي تؤدي إلى إفلاس الدول ومصير الأصول والممتلكات التابعة لها وطرق تسديد ديونها وغيرها من الاسئلة التى يتم طرحها مع أعلن دول إفلاسها.
الإفلاس والأصول
بشكل عام، الدول لا تفلس، بالشكل الذي تراه الشركات الاستثمارية، ولا يمكن أن تقوم المحكمة الدولية بوضع يدها على أصول وممتلكات الدولة لبيعها وتسديد مستحقات الدائنين، كما تفعل مع الشركات فالدولة لها سيادتها الخاصة ولا يسمح القانون الدولي بتجاوزها.
ويحدث الإفلاس في الدولة عندما تكون عاجزة عن سداد ديونها، وغير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية الأخرى مثل دفع الرواتب والأجور ودفع ثمن ما تستورده من البضائع والسلع، وفي مثل هذا الوضع تكون الدولة ضعيفةً ماليًّا، لا تستطيع تسيير الأمور الاقتصادية والاجتماعية.
انخفاض الإيرادات
ومن أهم أسباب إفلاس الدولة هو انخفاض حاد في الإيرادات العامة مما قد يؤدي إلى ارتفاع في المديونية أو لسبب أزمة اقتصادية خانقة نتيجة لسياسات وقرارات خاطئة، أو لسبب خسارة الدولة للحرب مع دولة أخرى.
وقبل إعلان الدولة إفلاسها، تلجأ إلى اتخاذ إجراءات صعبة للغاية مثل زيادة الضرائب وخفض النفقات العامة ووقف التوظيف في القطاع العام، وقد تلجأ إلى البلدان الصديقة أو المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي أو نادي باريس لإقراضها وإنقاذها من الوضع المالي الصعب.
تراجع الاستثمار
وعلى الصعيد الخارجي وكعقاب على التعثر في السداد، تصدر وكالات التصنيف الائتماني تحذيرات بشأن الاستثمار في الدولة المفلسة، كما تتم تسوية الديون أو إعادة هيكلتها بين الحكومات المتعثرة والدائنين دون وجود قوانين دولية تنظم هذا الأمر، ولكن التفاوض بشأنها يكون مكلفا ومرهقا لجميع الأطراف.
ويعاني الشعب اللبناني أزمات في كافة القطاعات الحيوية مثل توفير الكهرباء والطاقة والأدوية ما يمثل عبئًا على حكومة نجيب ميقاتي التي تسعى للخروج بمركب الدولة اللبنانية إلى بر الأمان وسط أمواج التضخم والكساد التي تشهدها بيروت والتي تعاني معضلات سياسية أكثر منها اقتصادية إن جاز التعبير.