بعد أزمة لبنان.. ماذا يعني إفلاس دولة وما المخاطر الاقتصادية؟
شهدت لبنان أزمات مالية واقتصادية طاحنة تفاقمت نتيجة ارتفاع أسعار البنزين وغلاء المعيشة، إثر جائحة فيروس كورونا التي أدت إلى عدم الاسـتقرار السياسـي، وبلوغ معـدل البطالة 43.5% في عام 2021 و32% في عام 2022، وفقا لتقديرات الإسكوا وسـجلت عمليـات التسـريح وإغلاق الاعمال التجارية أرقاما غير مسـبوقة، وظهرت أزمة إفلاس البلاد والمصرف الوطني اللبناني.
شهدت الساعات القليلة الماضية إعلان لبنان إفلاسها رسميا حيث أعلن نائب رئيس الحكومة اللبنانية، إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي، خلال الساعات الماضية.
قال الدكتور مصطفى بدرة أستاذ التمويل، والخبير الإقتصادى، أن إعلان إفلاس لبنان يعنى نقصا حادا فى كافة السلع الغذائية والتموينية فى ظل ظروف عصيبة على المجتمع الدولى بسبب الحرب الروسية الاوكرانية والتى سببت حرجا كبيرا للمجتمع الدولى ومؤسسات النقد الدولى، مشيرا الى انه لن تتدخل اى من تلك المؤسسات فى حل هذه الأزمة العصيبة.
وأضاف بدرة أن الدولة اللبنانية كانت تمتلك إحتياطى نقدى جيد، ولكن بسبب الصراعات السياسية تراجع الإحتياطى النقدى وانكفأت الدولة على مشاكلها السياسية.
وتابع، اليونان والبرازيل وجدا من يساعدهم، لكن مشكلة لبنان مزمنة وتفاقمت مع جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الاوكرانية، متوقعا أن تتفاقم الازمة الاقتصادية، فى الوقت الذى لن يجد فيه أصحاب الودائع البنكية أصول ودائعهم وإنما قد يحصلون على نسبة من أموالهم إذا ما وجدوها، ولذلك لابد من وضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، وجدولة الديون، وإيجاد مصدر للتمويل.
ماذا يعني إفلاس دولة
الكثير من الأسئلة تدور حول ماذا يعني إفلاس دولة.. تستدين الدول لسد عجز موازناتها وشراء احتياجاتها وتمويل مشروعاتها أو بنيتها التحتية، ويتعرض البعض منها لمشكلات اقتصادية تقيد قدرتها على سداد الديون، ومن بين تلك الدول إسبانيا في القرن 16 والأرجنتين واليونان اللتان تعثرتا عن الوفاء بالتزاماتهما المالية عدة مرات خلال القرنين الماضيين.
وبشكل عام، الدول لا تفلس، بالشكل الذي يحدث في الشركات الاستثمارية، ولا يمكن أن تقوم المحكمة الدولية بوضع يدها على أصول وممتلكات الدولة لبيعها وتسديد مستحقات الدائنين، كما تفعل مع الشركات فالدولة لها سيادتها الخاصة ولا يسمح القانون الدولي بتجاوزها.
ولكن يحدث الإفلاس في الدولة عندما تكون عاجزة عن سداد ديونها، وغير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية الأخرى مثل دفع الرواتب والأجور ودفع ثمن ما تستورده من البضائع والسلع، وفي مثل هذا الوضع تكون الدولة ضعيفة ماليًا، لا تستطيع تسيير الأمور الاقتصادية والاجتماعية.
ومن أهم أسباب إفلاس الدولة انخفاض حاد بالإيرادات العامة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع المديونية أو لسبب أزمة اقتصادية خانقة نتيجة لسياسات وقرارات خاطئة، أو لسبب خسارة الدولة للحرب مع دولة أخرى.
وتلجأ الدولة قبل إعلان إفلاسها إلى اتخاذ إجراءات صعبة للغاية مثل زيادة الضرائب وخفض النفقات العامة ووقف التوظيف في القطاع العام، وقد تلجأ إلى البلدان الصديقة أو المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي لإقراضها وإنقاذها من الوضع المالي الصعب.
وأعلنت قرابة نصف دول القارة الأوروبية، و40% من دول إفريقيا، و30% من دول آسيا خلال القرنين السابقين إفلاسها، وكانت الولايات المتحدة وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والصين أبرز الدول التي أعلنت إفلاسها وعجزها عن سداد ديونها الداخلية أو الخارجية خلال القرنين الماضيين، وأعلنت ألمانيا إفلاسها ثماني مرات خلال 200 عام.