التبرك بالأولياء المستورين.. وجبة الصراع المنتظرة بين السلفيين والصوفيين في رمضان
«رمضان» أحد الأشهر التي تزيد فيها الجرعات الروحية، تتنافس كل الأطياف والمذاهب الإسلامية على استغلال الشهر الكريم في الوصول لأعلى معدلات الاستقامة وتنقية النفس وعمل الخير، في الوقت الذي يعمل البعض على تمكين أفكاره والتسويق لقناعاته الخاصة ورؤيته للتدين ورفضه أيضا لرؤية وقناعات الآخر.
وتضع التيارات المتصارعة أنصارها ومعارضيها تحت المنظار في أيام رمضان سواء لإنكار منهج الآخر أو الدفاع عن قناعاتها، ويتجدد الاشتباك حول مفهوم الأبدال، أو طبقة الأولياء المستورين الذين يتبرك بهم الصوفية خلال الشهر الكريم وينكرهم السلف ولا يعترفون بهم.
الأبدال في مناهج الصوفية
يزعم الصوفية أن العالم يدوم بقاؤه بفضل تدخل طبقة من الأولياء المستورين وعددهم محدود، وكلما قبض منهم واحد خلفه غيره، ويؤكدون أن رجال الغيب ثلاثمائة من النقباء، وأربعون من الأبدال، وسبعة أمناء، وأربعة عمد، ثم القطب، وهو الغوث.
والأبدال أو المراتب الصوفية، لهم قدرة على تبديل نفسهم بشبيه، ويتنقلون من أماكن إلى أخرى كالأشباح، وهؤلاء بحسب الصوفية قائمون في العالم على سبيل البدل، في كل زمان إلى يوم القيامة.
يؤمن الصوفية بهذه السردية بشدة، لدرجة أنهم يعتبرون أن أهم أسس الصوفية، ممارسة شعائر معينة تقرب الصوفي من الذات الإلهية، ولا يترقى إلا عندما يبدأ في سلك طريقة صوفية من مرتبة إلى أخرى.
الأبدال والمرتبة الرابعة
يقول اتحاد الصوفية أن الأبدال في المرتبة الرابعة من مراتب الأولياء عند الصوفية، وهم من رجال الغيب الذي لا يعرفهم أحد، ويسمونهم بالرقباء، وهم أصحاب كرامات خاصة، بحسب المتصوفة.
يشدد الاتحاد على أن الأحاديث والروايات تصفهم أنهم قوم من الصالحين لا تخلوا منهم الدنيا؛ ولا يموت أحدهم إلا قام بدله آخر من سائر الناس، وقد ورد فيهم أحاديث صحيحة ـ بحسب الصوفية ـ منها قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:« الأبدال بالشام هم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقي بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب.
ويؤكد الاتحاد أن الأبدال أربعون رجلًا، وأربعون امرأة، كلما مات رجل أبدل اللَّه رجلا مكانه، وإذا ماتت امرأة أبدل اللَّه مكانها امرأة، ويستشهدون بقول الطبراني أحد علماء أهل السنة والجماعة: لن تخلو الأرض من أربعين رجلًا، فهم يسقون، وبهم ينصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل اللَّه مكانه آخر.
ويستشهد أيضا بما قاله ابن عدي الجرجاني أحد علماء الحديث: البدلاء أربعون، اثنان وعشرون بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات منهم واحد بدل اللَّه مكانه آخر، فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة.
ويستند الاتحاد على ما قاله الإمام أحمد في المسند، نقلا عن الصحابي عبادة بن الصامت: لا يزال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن كلما مات واحد أبدل اللَّه عز وجل مكانه رجلا.
السلفيون ورفض الأبدال
لا يسلم الصوفية من انتقاد السلفيين في كل شيء، وفي هذه الرواية يعتبرون الأبدال نظرية بعيدة تماما عن القوانين الإسلامية السنية، إذ يعتبرهم ابن تيمية مجرد اقتباس من الشيعة، لافتا إلى أن الأسماء المستعملة لدى الصوفية مثل الغوث والأوتاد الأربعة والأقطاب السبعة، والأبدال الأربعين، والنجباء الثلاثمائة، لا وجود لها في كتاب الله، وليست مأثورة أيضا عن النبي بإسناد صحيح ولا حتى ضعيف محتمل.
ويؤكد ابن تيمية أن لفظ الأبدال روي فيه حديث شامي ولكنه منقطع الإسناد عن علي بن أبي طالب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن فيهم – يعني أهل الشام – الأبدال أربعين رجلا، كلما مات رجل أبدله الله مكانه رجلا، وليس أكثر من ذلك.