عن وديعة السعودية
أعلنت المملكة العربية السعودية عن تقديم وديعة جديدة تقدر بنحو خمسة مليارات دولار للبنك المركزي المصري في هذه الظروف الاقتصادية الدقيقة والصعبة، لتبلغ ودائع السعودية لدى البنك المركزى المصري 10،3 مليار دولار، وذلك بعد تمديد أجل وديعة تبلغ 2،3 مليار دولار وتقديم وديعة سابقة بقيمة 3 مليارات دولار فى شهر أكتوبر الماضى.. وهذا الإعلان يستحق أكثر من ملاحظة.
الملاحظة الأولى أنه جاء من جانب السعودية بينما لم يعلق البنك المركزى المصرى على هذا الإعلان، وهو المطالب أن يقدم معلومات بخصوص ما يحصل عليه هو والحكومة والجهات المصرية الأخرى من قروض سواء من السعودية أو غيرها من الدول والمؤسسات المختلفة، ولا يكتفى بذلك وإنما يتعين أن يعلم المصريين بفوائد هذه الوديعة وأجل سدادها..
فهذه الوديعة، وتلك هى الملاحظة الثانية، ليست منحة لا ترد وإنما هى قرض وبفائدة أقل من معدل الفوائد في السوق العالمية، ونحن ملزمين بسداد كل قيمتها مع الفوائد، وهذا ما سبق أن فعلناه مع الودائع السعودية السابقة التى حصل عليها البنك المركزى المصرى، وفعلناه أيضا مع ودائع الدول العربية الأخرى، الامارات والكويت.
وبذلك، وهذه هى الملاحظة الثالثة، فإن هذه الوديعة السعودية الكبيرة سوف تخفض من لجوئنا للإقتراض من مقرضين آخرين وإصدار سندات خزانة دولارية أو بعملات أجنبية أخرى (يورو وجنيه استرلينى وين ياباني)، وأيضًا ستقلل من أعباء فوائد ما سوف تقترضه لسد الفجوة التمويلية.. كما أن هذه الوديعة الكبيرة سوف تحمى احتياطيات البنك المركزى بالنقد الأجنبى من الإنخفاض، وهو سيزيد من الأمان الإقتصادى لنا ويحفظ للإقتصاد المصرى تصنيفه الائتمانى المناسب الذى يسهم في جلب مزيد من الأموال الأجنبية له.
وتبقى الملاحظة الأهم في ظل تداعيات أزمة الاقتصاد العالمى علينا أخذنا نقترض لتسدد ديونا قديمة، كما أشار وزير المالية من قبل.. وهذا أمر يجب ألا يستمر طويلا وأن يكون إجراء طارئ حتى لا يزيد عبء الديون الخارجية علينا.. ولا سبيل أمامنا لتحقيق ذلك سوى العمل على زيادة مواردنا من النقد الأجنبى وتخفيض إنفاقنا منه، وسوف يتحقق ذلك بمزيد من الإنتاج عبر زيادة الاستثمارات الوطنية أساسا التى ستجلب فيما بعد استثمارات أجنبية.. وهذ يقتضى توسيع قاعدة المستثمرين ورجال الأعمال وتشجيع صغارهم ومتوسطيهم وعدم الإعتماد فقط على عدد ممدود من كبارهم.