الوهم الإدراكي.. دراسة حديثة تكشف ترتيب التسلسل الزمني في العقل البشري
كشفت دراسة حديثة لجامعة كوليدج بلندن عن وهما إدراكيا جديدا يهاجم عقل الانسان يتعلق بالتسلسل الزمني للاحداث.
عالم النفس التجريبي
وقال عالم النفس التجريبي كريستوس بيكليفانيديس والمعد الاول للدراسة: "هل إدراكنا للوقت والنظام الزمني هو انعكاس صادق لما يحدث في العالم (أو على الأقل ما يصل إلى شبكية العين) أو يمكن أن تؤثر التوقعات ذات المستوى الأعلى، مثل السببية المفترضة، على الترتيب الذي تختبره الأحداث التي تحدث؟".
وفي سلسلة من التجارب، أظهر الباحثون أكثر من 600 مشارك، رسوم متحركة تظهر فيها سلسلة من الأحداث "ABC" بسيطة على ما يبدو: يصطدم مربع A مع مربع B، والذي بدوره يصطدم بمربع C.
ومع ذلك، في الحقيقة، أظهرت الرسوم المتحركة حقا أن المربع C بدأ يتحرك قبل أن يصطدم المربع B به (يسمى "ACB")، وحتى قليلا - 150 مللي ثانية - قبل أن يبدأ المربع B في التحرك من اصطدامه بـ A.
وفي دراسة سابقة شارك فيها بيكليفانيديس، وجد الباحثون أنه عندما يتم عرض الرسوم المتحركة لـ ACB، يتذكر الكثير من الناس سلسلة الأحداث مثل ABC، مع إدراكهم للنظام الزمني الذي يبدو متأثرا بتوقعاتهم للسببية.
وقال بيشليفانيديس لموقع PsyPost: "في البداية، أصبحنا مهتمين بالعلاقة السببية العكسية، وما إذا كان يمكن للناس، في ظل ظروف معينة، إدراك الأسباب التي تحدث بعد آثارهم. وبعد إجراء بعض التجارب، أدركنا بسرعة أن توقع الاتجاه الزمني (الذي يسبق تأثيره) قوي جدا لدرجة أنه حتى لو عكسنا الترتيب، يصر الناس على رؤية الأسباب تحدث أولا". وأحد تفسيرات هذه الظاهرة هو أن الناس قد يخطئون في تذكر ما حدث عندما استعادوا الذاكرة لاحقا بعد رؤية سلسلة الأحداث - وهو ما أطلق عليه الباحثون "فرضية الذاكرة".
بيكليفانيديس
وفي التجارب الجديدة، أظهر بيكليفانيديس وفريقه مرة أخرى للمشاركين الرسوم المتحركة لـ ACB، لكن هذه المرة سجلوا ردود المشاركين في الوقت الفعلي، وطلبوا منهم الإشارة إلى اللحظات التي يبدأ فيها B وC في التحرك من خلال مزامنة توقيتها مع موجز الفلاش الذي ظهر على الشاشة.
وإذا كانت فرضية الذاكرة صحيحة، سيشير المشاركون إلى التوقيت بدقة في الوقت الفعلي. ومع ذلك، على الرغم من المشاهدات المتكررة، أظهرت التجربة أن الناس يدركون بالفعل أن B تتحرك في وقت أبكر مما كانت عليه بالفعل، بينما يبدو أن C تتحرك لاحقا.
ويوضح الباحثون في ورقتهم البحثية: "عند مشاهدة تسلسل ACB المعاد ترتيبه، يدرك المشاركون في الواقع أن B تحدث في وقت سابق وأن C تحدث لاحقا، في توقيتات تقترب بشكل إجمالي من الإزاحة الزمنية اللازمة لتحويل تسلسل ACB إلى تسلسل ABC السببي. لم تُلاحظ عمليات نزوح بهذا الحجم عندما تم إخفاء أحد الأشياء. وبالتالي، فإن السياق السببي الوهمي هو الذي ينتج الانعكاس عبر الإنترنت للنظام الزمني".
الوهم الإدراكي
وعلى الرغم من أننا ما زلنا لا نفهم الكثير عن هذا الوهم الإدراكي، يقول الباحثون إن قدرتنا على الإدراك الموضوعي لتوقيت الإشارة حلت محلها الاستنتاجات التي نجريها فيما يتعلق بتوقيت إرسالها، بغض النظر عن طبيعة الإشارات.
وفي هذه الحالة، تتغلب الفيزياء الشبيهة بدومينو لسلسلة أحداث ABC المفترضة على قدرتنا على إدراك ما يحدث بالفعل، مع توقعات سببية قوية تتغلب على المعلومات الواردة من إشارة بصرية.
وبالنسبة إلى مدى عمق الوهم الذي لا يزال يتعين رؤيته، لكنه مجرد أحدث دليل على الطرق المدهشة التي يتأثر بها إدراكنا، حيث يحاول الدماغ التوفيق بين فيضان المعلومات المرئية بلا توقف.