علي جمعة: مفتٍ سابق للجمهورية وضع أشد الدساتير ليبرالية
قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن المصريين وضعوا دستور سنة 1923 بلجنة اشترك فيها الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية، ووصف دستور 23 بأنه أشد ليبرالية مما تلاه من الدساتير المصرية. وظلت الدساتير المصرية تأخذ في الاقتراب من الشريعة حتى الدستور الأخير الذي نص على أن مصر بلد إسلامي.
دستور 23 الأكثر ليبرالية
وأضاف جمعة أن التجربة المصرية تضع هذه المسألة على محك التجربة والفكر البشري، أي أنه بتطبيق قواعد الليبرالية والديمقراطية وعدم التخلي عنها وصلنا إلى ذلك الدستور، ووصلنا أيضا إلى محكمة دستورية تراقب القانون طبقا للشريعة الإسلامية.
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك " لقد وضع المصريون دستور سنة 1923م، ولقد وضع بلجنة اشترك فيها علامة زمانه الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية، بعد أن ترك منصب الإفتاء في سنة 1920م، والشيخ محمد بخيت المطيعي علم من أعلام القرن العشرين في علمه واتساع أفقه واجتهاداته التي ملأت الآفاق، ويصف كثير من المحللين دستور1923 بأنه أشد ليبرالية مما تلاه من الدساتير، وظلت الدساتير المصرية تأخذ في الاقتراب من الشريعة على النهج الكامل في نفسية السنهوري باشا وتلامذته حتى الدستور الأخير الذي نص على أن مصر بلد إسلامي، وأن التشريع الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع، مع بقاء ليبرالية الدولة وديمقراطيتها".
السلطة الدينية والدستور
وقال: "اختلط على كثير من الناس أن هناك سلطة دينية في البلاد، والأمر غير ذلك، السلطة الدينية تتمثل في الأغلبية الكبيرة للمسلمين، وهم متدينيون بطبعهم وتاريخهم وواقعهم، مما يحدث إشكالية فريدة أمام النظام الليبرالي والديمقراطي في العالم، بل إن كثيرا من كهنة الديمقراطية لا يعرفون المعنى الدقيق لكلمة الثقافة السائدة التي نراها في المجتمع الألماني المعاصر، ويرونها مسألة ذات مفهوم هلامي أو غامض على الأقل".
وأضاف جمعة: "لكن التجربة المصرية تضع هذه المسألة على محك التجربة والفكر البشري، ومعنى هذا أن بتطبيق قواعد الليبرالية والديمقراطية وعدم التخلي عنها وصلنا إلى ذلك الدستور، ووصلنا أيضا إلى محكمة دستورية تراقب القانون طبقا للشريعة الإسلامية".
الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية
وتابع جمعة: "وقام المنظرون ليفرقوا بين الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية، وأن شعب مصر بكل طوائفه وأديانه مندرج تحت هذه الحضارة ولا يريد أن يخرج عنها، ولذلك نرى الدعوة إلى العودة إلى اللغة القبطية لا تؤيد حتى من قبل أقباط مصر، ونرى الدعوة أيضا لما أثير من كتابة اللغة العربية بالحروف الأجنبية الإفرنجية في العشرينيات لا تلقى قبولا وتموت مع الدعاوى التي ظهرت وماتت".
وقال "ونرى أيضا أن الدعوة إلى استعمال العامية مع مستر كوكس في أواخر القرن التاسع عشر، والذي تتبعتها الدكتورة نفوسة زكريا في كتابها الماتع (عن تاريخ الدعوة إلى العامية في مصر) والمطبوع بدار المعارف بالإسكندرية حيث بينت فيه قيام هذه الدعوة وسقوطها."
واختتم علي جمعة حديثه قائلا: "وإذا كان السنهوري باشا وهو ينص على الفائدة في القانون المدني، ويحددها بنسبة بسيطة ولا يقر الربا، ويفرق هذا الفرق بين الفائدة والربا كما فصله في مصادر الحق، فإنه يحاول أن يجعل القانون المدني كله خاليا عن شائبة الانسلاخ عن الشريعة".