جودة عبد الخالق: الاعتماد على دولتين فقط فى 80% من قمحنا.. خطأ فادح | حوار
الأمريكان أنفقوا فى القرن الماضى 300 مليار دولار لتفكيك الزراعة المصرية
لا يجوز أن نراهن على التوسع الرأسى فى استصلاح أراض جديدة
ننتج 45% من احتياجاتنا من القمح ويجب زراعة 8 ملايين فدان
قال الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين الأسبق، إن تحقيق الأمن الغذائى أو الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الإستراتيجية أمر صعب، لكن ليس مستحيلا إذا اتخذت الدولة بعض الخطوات على رأسها زيادة سعر استلام القمح من المزارعين خاصة ونحن على أبواب الحصاد.
وأضاف عبد الخالق في حوار لـ "فيتو" لا بد من تطبيق نظام الثورة الخضراء فى مصر حتى يمكن الارتفاع بالإنتاج المصرى من القمح من 45% من احتياجاتنا إلى 65% على أن يتم استكمال باقى احتياجاتنا من مصادر آمنة ومتعددة حتى لا نتعرض لازمة مثلما يحدث الآن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتى نستورد منهم 80% من احتياجاتنا من القمح.
وغيرها من الأسرار التى يكشفها فى هذا الحوار مع "فيتو":
*فى البداية هل تعتقد أن مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الإستراتيجية؟
يجب أن نصحح المعلومة أولا، وهو تحقيق الأمن الغذائى وليس الاكتفاء الذاتى، وهذا ممكن، خاصة أن أهم سلعة من السلع الإستراتيجية هى القمح
وتحدثنا كثيرا عن أن مصر ليس لها ميزة نسبية فى إنتاج القمح، بحيث تستهدف تحقيق الأمن الغذائى أو الاكتفاء الذاتى
وهنا لا بد أن نعرف أن لدينا 8 ملايين فدان ومعدلات إنتاج الفدان حوالى 18 أردبا، وهذا يعنى أن الوصول للاكتفاء الذاتى يتطلب زراعة كل هذه المساحة بالقمح.
*وماذا عن باقى المحاصيل الإستراتيجية الأخرى؟
لابد أن نضع الحقائق كاملة نصب أعيننا لنصل لحلول إيجابية ممكنة، ومن بين هذه الحقائق أن سعر البرسيم أعلى من سعر القمح لأنه سعر حر، فى حين أن الدولة تحدد سعر القمح بـ820 جنيها، ومن هنا فالحكمة تقتضى وضع هدف قومى هو تحقيق الأمن الغذائى، وهذا معناه ضرورة العمل على زيادة إنتاجية القمح خاصة ونحن ننتج حاليا حوالى 45% من احتياجاتنا ونستورد الباقى، وبالتالى لا بد من زيادة الإنتاج إلى 65 أو70% من احتياجاتنا على أن نستورد الباقى من مصادر آمنة ودول متعددة، حتى لا نتعرض لمثل الأزمة الحالية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية اللتين تمثلان 80% من استيرادنا من القمح، وهذا خطأ فادح.
*وما هى الخطوات المطلوبة لتحقيق هذا الاكتفاء الذاتى؟
لكى نصل لمعدل الاكتفاء الذاتى أو الأمن الغذائى من القمح نجد أننا ننتج 45% حاليا ولا بد من زياداتها إلى 65%، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات متعددة بحيث توضع على قائمة الأغذية بعض الاهتمامات
فالرئيس ينتقل أسبوعيا لمتابعة المشروعات القومية مثل القاهرة الجديدة ومترو الأنفاق، وأتمنى أن يكون الاهتمام والإصرار على المتابعة أن نصل إلى الاكتفاء الذاتى من القمح، والخبراء يقولون إن الاكتفاء يكون بحدود 75% من احتياجاتنا، والقيادة السياسية تعلن أن مصر تستهدف زيادة نسبة الناتج المحلى من القمح إلى 65% سعيا نحو تحقيق هذا الهدف، لكن هذا يتطلب بعض الإجراءات.
*وما هى هذه الإجراءات من وجهة نظرك؟
هذه الخطوات تتضمن استخدام أداة السعر لتحفيز الفلاحين على زراعة القمح، خاصة أن الأسعار الحالية التى يسلم بها الفلاح المحصول أقل من الأسعار العالمية، وبالتالى فى ظل الظروف الحالية والأزمة الروسية الأوكرانية الحكومة كانت تستهدف توريد القمح هذا الموسم، والذى يصل إلى 4 أطنان، وهذا أمر نتمناه.
ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه لأن السعر الحالى 820 جنيها للأردب، وهذا سعر أفضل أنواع القمح نقاوة 24، فى حين أن السعر عالميا يتجاوز الـ1000 جنيه للأردب، وبالتالى مطلوب من الحكومة الإعلان عن رفع سعر التوريد المحلى للقمح.
بالإضافة إلى ذلك لا بد من الدخول على المدى الطويل إلى ما يسمى بالثورة الخضراء، وهى سياسات طبقت فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى فى عدة دول، ومنها الهند، مما جعلها مصدرة للقمح.
أضف إلى ذلك ضرورة الاستثمار الزراعى فى استنباط سلالات قمح عالية الإنتاجية والجودة، بحيث يعطى الفدان 25 أردبا وليس 18 فى نفس مساحة الأرض، أيضًا لا بد من الاهتمام الجيد بمستلزمات الإنتاج وأهمها الأسمدة التى تعانى من انفلات الأسعار لدرجة أن سعر الشيكارة وصل إلى 400 جنيه بدلا من 250 جنيها.
*وهل تعتقد أن هناك أسبابا لعدم الوصول للأمن الغذائى محليا حتى الآن؟
نعم هذا صحيح، فالأمريكان فى القرن الماضى أنفقوا حوالى 300 مليار دولار لتحقيق هدف خفى، وهو تفكيك الزراعة المصرية حتى لا تقوم لها قائمة، ومنذ هذا الوقت تم إلغاء نظام الدورة الزراعية، خاصة ونحن لدينا زراعة مروية والفدان يزرع مرتين فى العام، لأنها تضمن تتابع المحاصيل على الأراضى الزراعية، ولا يجوز أن نراهن على التوسع الرأسى فى استصلاح أراض جديدة، لأن فدان الصحراء ننفق عليه 10 سنوات حتى ننتظر منه إنتاجية، وبالتالى طريق الثورة الخضراء والاستثمار سيعطى نتاج أفضل.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ “فيتو”