رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء يضعون روشتة تطوير التعليم.. مصر الرقمية تتطلب تخصصات جديدة.. وبرامج التاريخ عفا عليها الزمن

الخبير التعليمي جمال
الخبير التعليمي جمال السعيد

يعيش العالم ثورة تقنية لم تكن موجودة من قبل وقد توجه العالم إلى الرقمنة وعلى إثره ومواكبة لتطورات العصر.. وجهت الدولة المصرية أنظارها نحو "مصر الرقمية " معلنة الحرب على التعاملات التقليدية داخل المصالح والمؤسسات الحكومية من أجل توطين التعاملات الإلكترونية بدلًا منها فهى الأيسر فى الأداء والأفضل فى العلاقة بين المواطن والموظف والأكثر ملائمة للعصر الحديث ومتطلباته الجديدة ومتغيراته التى تفرض نفسها "وهو أمر طبيعي" مع كل تغيير حاصل بين الأجيال.

الرئيس عبد الفتاح السيسى أكد أنه من المهم ربط سوق العمل بالتعليم، لكن المواطن يريد إدخال ابنه للجامعة فقط.
وأضاف خلال فعاليات إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية: "لما أخرج آلاف الطلبة من كلية الآداب أقسام جغرافيا ولا تاريخ.. هو سوق العمل فيه الكلام ده؟ إنتو عاوزين إيه.. عاوزين تعلموهم لسوق العمل ولا عاوزين تغسلوا إيديكم إنكم علموتهم وخلاص.. العدد اللى بيخرج ملوش مكان".

 

سوق العمل

فى البداية يقول الدكتور جمال السعيد، رئيس جامعة بنها السابق وعضو لجنة التعليم بمجلس النواب: إن تصريحات الرئيس السيسى بشأن التخصصات الجامعية التى لم تعد مطلوبة بشكل كبير بسوق العمل هى بمنزلة وضع اليد على الداء لعلاجه، خاصة أن الرئيس السيسى وجه الحكومة منذ عامين أو ثلاثة وتحديدا وزارة التعليم العالى لإيجاد حلول لهذه المشكلة ويتم بالفعل دراسة احتياجات سوق العمل وتحديد التخصصات المطلوبة وما يطلق عليه وما هى وظائف المستقبل والجامعات الأهلية والحكومية بدأت تعمل على هذا الملف.

وأضاف: لدينا 12 جامعة أهلية تعمل على هذا الملف وفقا للبرامج وليس الكليات وهى برامج بينية جديدة هدفها خلق خريجين متميزين قادرين على المنافسة فى سوق العمل المحلى والإقليمى والدولى، خاصة أن الرئيس وجه بتدريب الشباب على تكنولوجيا المعلومات وإدخال تخصصات جديدة خاصة أن تدريب الفرد فى مجال البرمجة يتكلف 30 ألف دولار للفرد الدولة مستعدة لتحملهم بل إن كل الجامعات تعمل الآن وفق نظام البرامج النوعية الجديدة وسيكون لهم أماكن للدخول لسوق العمل المستقبلى.

 

برامج تقليدية

وأكد أن إشارة الرئيس إلى الأعداد الكبيرة لدراسى التاريخ والجغرافيا ليس للتقليل من أهميتهم، بل على العكس الصحيح لكنها برامج تقليدية عفا عليها الزمن، ولا بد من تطويرها مثل الطب والهندسة وتكنولوجيا المعلومات؛ لأنها مرتبطة بسوق العمل ووظائف المستقبل ووزير التعليم العالى بدأ وضع اللبنة من خلال أربع جامعات أهلية لتأهيل الدارسين لسوق العمل من خلال مجموعة برامج بينية بتخصصات مختلفة، وهى جميعها مرتبطة بوظائف المستقبل.

وهنا لا بد أن نشير إلى صعوبة الحد من المقبلين على الدراسات التى ليس عليها إقبال فى العمل، وهو ما يتطلب تطوير مناهج هذه الدراسة بما يتلاءم مع وظائف المستقبل فمثلا يتم وضع برامج بينية لدارس التاريخ بينة وبين دراسة أخرى لتأهيل الخريج.

وترى الدكتورة ماجدة نصر، نائب رئيس جامعة المنصورة الأسبق، أن كلام الرئيس السيسي يعد بمنزلة إشارة مهمة لما وصل آلية التقدم التكنولوجى الشديد، وأن هناك وظائف تندثر وأعطى مثال بالتاريخ والجغرافيا، بل إن هناك أقساما فى كليات التجارة تجاوزها الزمن مثل المحاسبة التى يقوم بها الكمبيوتر والخزينة وهنا لا بد تكون لنا نظرة استباقية فى ظل التحول الرقمى خلال الـ50 عاما القادمة.

 

المنظومات العلمية

وأضافت أن هناك بعض الكليات أصبحت بعيدة جدا عن المنظومة العلمية مثل بعض أقسام كليات التربية والهندسة والتجارة تجد نفس المناهج والتغيير طفيف مثل تدريس جزء عن بعد وبالتالى لا بد من دراسة استباقية سريعة من التعليم والبحث العلمى حتى نكون مواكبين لهذه التغيرات فى المناهج والدراسات وهذا يتطلب أيضًا الدخول فى جوهر المناهج لمواكبة سوق العمل وهذا يفتح نقطة أخرى بالغة الأهمية وهى دراسة الاعداد الكبيرة التى تقبل على الدراسة بكليات لا يتطلبها سوق العمل وهذا يعنى ضرورة التنسيق بين كل الوزارات من خلال خطة عمل موحدة وإستراتيجية موحدة وليس بطريقة الجزر المنعزلة.

أما الدكتورة هدى أبو رميلة، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأهرام الكندية، فتقول إن وجود كليات بها أعداد كبيرة جدا من الدارسين وفقا لما ذكره الرئيس السيسى مثل التاريخ والجغرافيا ولا يجيدون فرص عمل بعد التخرج كبيرة حقيقة وهذا يعود إلى أن متطلبات واحتياجات سوق العمل تبدلت بسبب الثورة التكنولوجيا التى يشهدها عصرنا الحالى وبناء على ذلك يجب أن تتبدل أيضًا اختيارات الكليات لدى الشباب.

 

كليات القمة

وتضيف أن كليات القمة كالطب والهندسة والصيدلة رغم أهميتها لكل من المجتمع والمواطن إلا أن خريجيها – بسبب الثورة التكنولوجيا – لم يحظوا بفرص عمل بسهولة فما أكثرهم ولذا فمن الضرورى أن ينتبه خريجو الثانوية العامة لهذا التغيير الحاصل فى بوصلة سوق العمل حتى يتسنى لهم اختيار الكليات المناسبة والتى تمكنهم من دراسة العلوم الملائمة لمتطلبات سوق العمل المستقبلية.

وعلى أولياء الأمور التخلى عن عادة التدخل فى اختيار رغبات الأبناء أثناء التقدم إلى الجامعة فنجدهم يتمسكون بحلمهم الاجتماعى فى أن يلتحق أبناؤهم بكليات القمة ليتباهوا بهم أمام أقاربهم وجيرانهم بقولهم "ابنى دكتور" و"بنتى مهندسة"، ناصحًا بترك الحرية للأبناء فى تحديد رغباتهم وفق ميولهم لأنهم سيصبحون أكثر نجاحًا وتميزًا فى مجتمعهم عند العمل فى مجال يتوافق مع ميولهم الشخصية لا ميول الأهل.

وتؤكد أن مصر الرقمية تتطلب تخصصات جديدة فى مجالات نظم الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات واللغات بكل أنواعها ويجب تأهيل الشباب لها من بداية دراسته الجامعية بل إن على رجال الأعمال التواصل المستمر مع الجامعات لتلبية احتياجات سوق العمل وإلا ستصبح الجامعات مصدرًا لرفع معدل البطالة فى المجتمع".

الأمر الذى تحدث فيه رئيس الجمهورية إلى الشباب عن متطلبات سوق العمل المستقبلية للتيسير عليهم فى البحث وتمكينهم من التأهل الدراسى لهذه الفرص، مشيرا إلى أن هناك 700 ألف خريج جامعى سنويا، وهو أمر مقلق، خاصة أن سوق العمل لا يستوعب هذه الأعداد الكبيرة من الخريجين.

وتابعت ضرورة وجود تواصل مباشر بين الاقتصاديين من رجال الأعمال المستثمرين وبين الجامعات لتوضيح الاختصاصات المطلوبة لديهم حتى يتسنى تأهيل الشباب لها أثناء الدراسة الجامعية مما يضمن لهم فرص العمل فور التخرج. 


نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية